محرر الأقباط متحدون
في قلب قطاع غزة الممزّق بالحرب، يواصل الأب غابرييل رومانيللي، الكاهن الأرجنتيني ذو الأصول الإيطالية، رسالته الروحية والإنسانية، حاملاً رجاء الكنيسة الكاثوليكية إلى شعب يرزح تحت الحصار والدمار. منذ أكثر من ثلاثين عامًا يعيش الأب رومانيللي في الشرق الأوسط، ومنذ عام 2019 يخدم ككاهن لرعية كنيسة العائلة المقدسة، الكنيسة الكاثوليكية الوحيدة في غزة، الواقعة في حي الزيتون شمال المدينة.
والعلاقة الخاصة التي كانت تربطه بالمتنيح البابا فرنسيس جعلته صوتًا مسموعًا في الفاتيكان، إذ اعتاد أن يطلعه عبر الهاتف على تفاصيل الحياة اليومية المأساوية لأبناء القطاع، وواقع الجماعة المسيحية التي صارت شبه محاصرة داخل جدران الحرب.
ويضم المجمع الرعوي التابع للكنيسة أيضًا ديرًا لراهبات مرسلات المحبة، ومدرسة، ودارًا للأيتام، وهي مؤسسات أساسية تشكّل رئة للحياة بالنسبة للعائلات المسيحية والمسلمة على حد سواء.
شهادة من قلب الجحيم
"الحياة هنا صعبة جدًا، بل شديدة الصعوبة"، بهذه الكلمات يصف الأب رومانيللي الواقع في غزة. ويضيف: "صدر أمر بإخلاء كامل الحي. وقالوا إنهم بدأوا بتوزيع الخيام. قد يظن المرء أنّ في الأمر خبرًا سارًا، ما أجمل ذلك!، لكن الحقيقة أنّ الأمر يتعلّق بإجلاء كامل مدينة غزة. فأين يمكن أن يجد كل سكان القطاع – وعددهم مليونان وثلاثمائة ألف نسمة – مكانًا لهم؟".
ويتابع: "أمس خلال القداس، سمعنا انفجارًا هائلًا قريبًا أدّى إلى تدمير خزان مياه، لحسن الحظ لم يُصب أحد، واقتصر الأمر على خسائر مادية، لكنه كان مجرد أحد أيام الأحد الأخرى في زمن الحرب".
ورغم هذا لم يتوقف الأب رومانيللي، منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر 2023، عن رفع صوته للمطالبة بوقف إطلاق النار وتأمين المساعدات الإنسانية للشعب المرهق، مؤكدًا أن الجماعة المسيحية تعيش حالة من التعب والخوف والقلق. ويقول : "هناك الكثير من التعب والقلق، إذ نشعر وكأننا تُركنا شبه وحيدين في هذه المنطقة".
ويشرح الكاهن المأساة التي يعيشها المسيحيون الذين تقلّص عددهم إلى نحو خمسمائة شخص فقط بعد أن غادر كثيرون أو فقدوا حياتهم. ويؤكد أنّ عزيمته لم تهتز في البقاء إلى جانب رعيته، حتى في أحلك الظروف وأصعب الأوقات.
ويكشف الأب رومانيللي عن الأوضاع الاقتصادية الكارثية قائلًا: "ثمن كيلوغرام واحد من الطحين بلغ نحو 18 يورو، أما الطماطم فوصل سعرها إلى 23 يورو، والبصلة الواحدة تتراوح بين 12 و15 يورو. أما كيلوغرام السكر فيكلف على الأقل 100 يورو". ثم يضيف موضحًا أنّ هذه الأسعار في حقيقتها "افتراضية" لأن السلع في الغالب غير متوفرة أصلًا.