(د. أشرف ناجح إبراهيم عبد الملاك)
وفقًا للأناجيل، قد لعبت العذراءُ مريم، لكونها أُمّ يسوع، دورًا هامًّا وفريدًا في عمل ابنها الخلاصيّ، منذ الحبل به حتّى صعوده، ولا تزال أيضًا، ليس لأنّها "مخلِّصة" معه وبجواره، وإنّما لأنّها قد تعاونت وشاركت وساهمت معه في تحقيق عمله الخلاصيّ بإيمانها ورجائها ومحبّتها وطاعتها واتّباعها له حتّى أقدام الصّليب وما يليه. إنّ ما قامت به العذراءُ مريم، ولا تزال تقوم به، ينبغي أن يقوم به كلُّ مسيحيّ صادق وحقيقيّ أيضًا، أي أن يتعاون ويشترك مع المسيح في خلاص البشريّة والكون بالطريقة التي يريدها الرّبّ منه. فعلى سبيل المثال، قال الرّسولُ بُولس: «يسرني الآن ما أعاني لأجلكم فأتم في جسدي ما نقص من شدائد المسيح في سبيل جسده الذي هو الكنيسة، لأني صرت خادما لها بحسب التدبير الإلهي الذي وكل إلي من أجلكم، وهو أن أتم التبشير بكلمة الله» (كو 1/ 14 و24-25).
إنّ «دورَ مريم الأمومي نحو البشر لا يَحجُب ولا يُنقِص بشيءٍ وساطة المسيحِ الوحيدة هذه بل يُظهر قوَّتَها» (م. ف، "نور الأمم"، بند 60). وعلى هذا النّحو، فإنّ العذراء مريم «شريكة سخية في عمله بصفةٍ فريدةٍ أبدًا [...] ساهمت في عَمَل المخلّص مساهمةً لا مثيل لها بخضوعها وإيمانها، برجائها ومحبَّتها الحارة كي تعود الحياة الفائقة الطبيعة إلى النفوس. لهذا كانت لنا أُمَّاً في نطاقِ نظامِ النعمة [...] تستمرُّ أمومة مريم في تدبير النعمة دون ما انقطاع حتى يبلغ المختارون الكمال الأبدي. وفعلًا إن دورها في الخلاص لم يتوقف بعد صعودها إلى السماء، إنها لا تزال تحصل لنا بشفاعتها على النِعَمِ التي تُؤكِّدُ خلاصَنا الأبدي [...] لهذا تُدعى الطوباوية العذراء في الكنيسة بألقابٍ عدّة منها الحامية، والمُعينة، والمساعدة، والوسيطة» (م. ف، "نور الأمم"، بند 61 و62).
[راجع المقالة كاملةً: أشرف ناجح إبراهيم عبد الملاك، «أُمومَةُ العَذرَاء مَريم ليسُوع ولَنَا»، مجلّة "نجم المشرق"، العدد 114 (29) 2023، ص 109-113].