كتب - محرر الاقباط متحدون
ترأس أمس، نيافة الأنبا توما حبيب، مطران إيبارشية سوهاج للأقباط الكاثوليك، صلوات رياضة صوم السيدة العذراء، وذلك بكنيسة الشهيد العظيم مار جرجس، بسوهاج.
شارك في الصلوات القمص بشري لبيب، راعي الكنيسة، والأب يوسف ميخائيل الفرنسيسكاني، والشماس فادي عياد، وكورال "ليكن نور" الذي قدم باقة من الترانيم الروحية.
وألقى يوسف ميخائيل تأملًا روحيًا للحاضرين بعنوان "قلب مريم المتأمل والصامت"، قائلًا: أيها الأحباء، نقف اليوم أمام قلب مريم العذراء، ذاك القلب الذي لم يكن فقط بيتًا حمل كلمة الله المتجسد، بل كان أيضًا مدرسة التأمل، والصمت، والإنصات العميق إلى عمل الله.
وأضاف: قلب مريم المتأمل، يخبرنا الإنجيلي لوقا: "وَأَمَّا مَرْيَمُ فَكَانَتْ تَحْفَظُ جَمِيعَ هذَا الْكَلاَمِ مُتَفَكِّرَةً بِهِ فِي قَلْبِهَا." (لو 2: 19).
وتابع: مريم لم تترك الأحداث تمر مرورًا سريعًا، بل كانت تقف عندها، تحفظها وتصلي بها. ما سمعته من الملاك، ما رأته في المزود، ما عاشته في الناصرة، كلها لم تختفِ، بل دخلت إلى أعماق قلبها، لتتحول إلى صلاة صامتة، وهكذا تعلّمنا مريم أن الإيمان أحيانًا لا يقوم على الفهم الكامل، بل على الثقة الكاملة بالله.
واستكمل الأب يوسف تأمله: قلب مريم الصامت، من يتأمل في حياة العذراء يكتشف أن كلماتها قليلة جدًا في الإنجيل. وكأن الروح القدس أراد أن يضع أمامنا صورة المرأة التي تتكلم بالصمت أكثر مما بالكلمات.
وأكد في البشارة قالت كلمة الطاعة: "ليكن لي بحسب قولك" (لو 1: 38)، في العرس، قالت كلمة الإيمان: "مهما قال لكم فافعلوه" (يو 2: 5)، وبعدها نراها صامتة عند الصليب، واقفة في قوة لا بالكلمات، بل بحضورها الأمومي المتألم.
وأشار الأب يوسف ميخائيل إلى أن الصمت عند مريم ليس فراغًا، بل امتلاء من الله. إنه صمت التأمل، صمت من يسمع أكثر مما يتكلم، صمت من يعرف أن كلمة الله أغنى من كل كلمات البشر.
وشدد قلب مريم مدرسة لنا، نحن اليوم نعيش في عالم ضوضاء وكثرة كلام، حيث الكلمة تفقد قوتها بسبب التكرار والسطحية. مريم تذكّرنا أن الطريق إلى الله يمر بالصمت العميق الذي يفتح القلب للنعمة، نحن كثيرًا ما نبحث عن إجابات سريعة، بينما مريم تعلمنا أن نحتضن الأسئلة في قلبنا، وننتظر الله ليكشفها لنا في وقته.
واختتم الأب يوسف التأمل بقوله: قلب مريم المتأمل والصامت هو أيقونة للنفس المؤمنة التي تعرف أن حضور الله أعظم من كل شروح، وأن كلمة "ليكن" تفتح السماء وتغيّر التاريخ. فلنطلب من العذراء أن تعلّمنا أن نصغي، أن نتأمل، أن نصمت، لكي نصبح قلوبًا حية تسكنها كلمة الله
وفي الختام، بارك الأب المطران الجميع، متمنيًا للجميع رياضة روحية مثمرة ومباركة.