ماجدة سيدهم
في كل مرة أقبض على هشاشة يدها ..أنصت لتدفق وفير من حكايات كثيرة تتسلل إلى جوع عروقي ..اعرف الكثير منها.. وعنها..أسابق الأيام أن تمهلني وقتا آخر لأتلهم من مخزون قلبها وذكرياتها المتقدة ببعض من السخرية والكثير من الأسف والحنين لشيء ما بداخلها خبا ..

كل بقعة داكنة هي لجهد أيام معتقة بالتفاصيل..كل ثنيات الخطوط هي لأرق ليال طويلة لم تغفل فيها  لتديير  ماينقصنا وتوضيب أرففنا وأولوياتنا ..

وكل وانحناءات الأصابع تحكي تفاصيل كم مرة حاكت فيها ثيابنا المطرزة بالتدبير..تعد خبز طاولتنا  طازجا صبيحة كل جمعة ..أجازة أبي ..ورائحة البهارات التقليدية تفوح بشهية من طناجرها المتواضعة وطعامنا الحلو البسيط المغموس بالرضا والمرح ..

تعقد ضفائرنا كأنه الأمس بشرائط ملونةتصنعها بمهارة  بما يتبقى من أقمشة فساتيننا ..كم وخزة شكتها إبرتها على لوحات الكناڤاة فتلون وردات اللوحة بالأحمر الدموي ..راجعت كراستنا بالتوضيح والتوبيخ أيضا ..تنظف أحذيتنا من الأغبرة أو من وحل الشتاء..مطبخها مرتب وملئ بالشبع ..مفارشها ناصعة ومزهارياتها صنعتها بمهارة لذا ماذبلت رغم ..

لم تخلف مرة أصوامها حتى لو صامت بمفردها..خاصة صوم مريم العذراء ..بلكنتها الصعيدية "دا امي اللي حاسا بي  " ولم تنس مرة القداسات المسائية لأيام  الآحاد ..لتمتليء سفرتها بالمشهيات في مواسم  الأعياد ..تقسم بيديها فيما بيننا والأحفاد ..

هل نعد المرات اليومية بمراحل عمرنا والتى لاحت لنا بالسلامة من شرفة غرفتها حين نغادرها  ودعواتها  لنا بسلامة الوصول  بينما رجاء ما بداخلها لا تفصح عنه لزيارتها مجددا  لكن تفضحه دمعة عزيزة في عينيها ..

هي نفس اليد التى أرهقها اليوم  وخز سحب عينات الدم ..ولم ترهقها مرة مراجعة الأظرف الورقية محتفظة بداخلها  بكل صورنا وذكرياتنا لتحكياها في كل مرة بشغف من جديد ..

 الله يمنح السلام لقلبك الشاكر دوما ..ماما.. وكل أم .. رغم ثقل التعب وإرهاق  الجسد..
لتكن الوصية فعالة في قلوبنا ..