ياسر أيوب
ليست هناك ضمانات بدوام الحب إن كثرت الجروح والمواجع.. والذين صفقوا بالأمس ليسوا مضطرين للتصفيق اليوم حين تزيد قسوة النتائج وأحزانها.. ومنذ ٢٠٢١ اعتادت جماهير نادى زالجيريس الليتوانى التصفيق والإشادة بالمدير الفنى لناديهم الكازاخستانى فلاديمير تشيبورين.. فقد فازوا معه بدورى ٢٠٢١ و٢٠٢٢.. ودام الحب والتصفيق والإشادة رغم خسارة اللقب فى ٢٠٢٣ الذى استعاده النادى ٢٠٢٤ لتصبح المرة الحادية عشرة للنادى بطلا لدورى ليتوانيا.. وبدأ الموسم الجديد وبدأت تتوالى الهزائم والتعادلات.. ست هزائم وسبع تعادلات.
وحين تلقى النادى فى الأسبوع ٢٣ منذ أيام هزيمته السابعة أمام غريمه التقليدى نادى كاونو.. ابتكرت جماهير زالجيريس أغرب أسلوب احتجاج تشهده ملاعب كرة القدم فى العالم طيلة تاريخها.. فقد قامت هذه الجماهير بإلقاء حقائب سفر فارغة فى الملعب فى إشارة واضحة للمدرب بضرورة أن يجمع حاجياته ويرحل عائدا إلى بلاده.. فالنادى أصبح فى المركز السابع فى جدول الدورى بفارق ١٨ نقطة عن نادى كاونو وأصبح أمرا يفوق القدرة على الاحتمال والصبر.. والتفتت صحافة الكرة فى العالم بكثير جدا من الارتباك.. فهل تدين هذا السلوك وتعطيل اللعب أيا كانت الدوافع والأسباب أم تبدى إعجابها بفكرة جديدة للاحتجاج الكروى.
فقد اعتادت كرة القدم فى العالم رؤية الجماهير الغاضبة فى المدرجات تلقى الحجارة أو زجاجات المياه أو الشماريخ والألعاب النارية.. لكن لم يشهد أحد من قبل وفى أى دولة أو ملعب إلقاء حقائب سفر من المدرجات.. وبقدر ما كان هذا المشهد لافتا لانتباه كثيرين جدا داخل وخارج ليتوانيا.. كان لافتا أيضا رد فعل المدير الفنى المغضوب عليه.. فلم يغضب علنا ولم يوجه أى إساءة للجماهير الحزينة والغاضبة إنما صفق لهم بهدوء ووقف ينتظر قيام لاعبى فريقه بجمع الحقائب وإبعادها عن الملعب لاستئناف اللعب.. ولم يكن باستطاعة المدير الفنى أو حتى إدارة النادى لوم الجماهير واتهامها بالخروج على النص وممارسة دور ليس لها بالانتقاد والرفض والغضب.. فهذه الجماهير تعد تاريخيا من أوفى جماهير كرة القدم فى العالم.. فبعد انفصال ليتوانيا عن الاتحاد السوفيتى فى ١٩٩٠ وإعلان استقلالها.. كان هناك ارتباك كروى لا يقل عن الارتباك السياسى والاقتصادى.. وأصبح نادى زالجريس الذى كان ثالث الدورى السوفيتى مهددا بالضياع والانهيار لولا مساندة جماهيره التى قامت بحماية ناديها والمحافظة عليه.. وحين تعرض النادى فى ٢٠٠٨ لأزمة مالية خانقة كاد بسببها أن يخسر كل شىء.. قامت الجماهير بترتيب حفلات فى العاصمة الليتوانية فيلنيوس لجمع المال الكافى لإنهاء أزمة النادى الاقتصادية الصعبة والمعقدة.. ومنحها ذلك حقا تاريخيا لا يمكن نسيانه أو إهماله.
نقلا عن المصرى اليوم