حمدي رزق
منسوب لوزير الأوقاف الدكتور «أسامة الأزهرى» تصريح صحفى يقول فيه «بعد الانتهاء من وضع مبادئ الكتاتيب، سأذهب للبابا تواضروس الثانى لإخباره بالمبادئ التى سنعلمها للأطفال المسلمين بالقرآن، ليأخذها ويتم تدريسها للطفل المسيحى من الإنجيل».
جيد وحسن، قبلها أتمنى أن يطرح الدكتور الأزهرى «مبادئ الكتاتيب» فى محفل عام للحوار المجتمعى.. «مبادئ الكتاتيب» ليست سرا مكنونا لا يطلع عليه سوى المؤتمنين.
إطلاع البابا مسلك طيب، ولكن إطلاع الجماعة الوطنية واجب مستوجب، الكتاتيب ستحتضن أطفالنا، هل لنا أن نطمئن على كنه المبادئ التى ستشب عليها الأجيال المقبلة؟!.
للمعلم «سقراط» قول مأثور: «تكلم حتى أراك»؛ وترجمتها فى حالة الدكتور الأزهرى، تحدث عن «مبادئ الكتاتيب» باستفاضة حتى نفهمها، وحاور العقلاء، وشاورهم فى الأمر، إن المبادئ تشابهت علينا. نسمع منكم لا عنكم، نسمع منكم خيرًا لا ينقل عنكم ما يلتبس على الناس، الكتاتيب نموذج ومثال. هل تعود بنا إلى عصر الكتاتيب؟. ما الفائدة المرجوة منها؟. هل يصب الكُتّاب فى صالح التنوير أم تديين المجال العام؟. هل الكتاتيب تصب فى مخطط الدولة الدينية الذى تعمل عليه جماعات خارجة على الوطن، أم تنوير دينى منسجم مع شعار دولة مدنية حديثة؟. كيف يكون الكُتّاب منارة استنارة، وألا يصب الكُتّاب فى مفرق العلاقة بين الطفل المسلم، وأخيه الطفل المسيحى؟.
أخشى الكُتّاب يجذر الاستقطاب، ألا يحق لنا الخشية من هذا الاستقطاب الذى تعمل عليه جماعات بعينها لقسمة الوطن على أساس الهوية الدينية؟!.
عندما تعنون الدولة شعارها بدولة مدنية ديمقراطية حديثة، وتقدم المدنية على الديمقراطية، لأن المدينة تسبق الديمقراطية، وسبيل الديمقراطية وشرطها الوجوبى.
التطبيقات على المنابر وتاليا الكتاتيب، أخشى ظاهريا تؤشر على عكس الاتجاه الذى قررته الدولة فى دستورها، أو هكذا أظن وبعض الظن إثم كبير، نتحمل الإثم فى سبيل تجلية المصطلح وتطبيقاته العملية فى استراتيجية وزارة الأوقاف (وكنت شاهدا على وضع خطوطها العريضة)، لكن التطبيقات ليست واضحة، وملتبسة، ويلفها الصمت غير البليغ، وتحتاج إلى شروحات تجلى المعانى الكامنة بين السطور.
التطبيقات الغامضة تقلق كثيرا من الحادبين على مدنية الدولة، ومستوجب شروحات من الوزير، سيما أنه على قدر معتبر من الثقافة، ولسانه زرب، ولا تنقصه الحجة والبيان.
لست فى معرض مزايدة تنويرية على فضيلته، ولكن التطبيقات (الكتاتيب) تحتاج شروحات.
ماذا سيدرس الطفل فى الكُتّاب؟ وماذا يحوى كِتاب الكُتّاب؟ من الذى سيقوم على التدريس فى الكُتّاب، هل تم إعدادهم إعداداً يتسق مع استراتيجية تجديد الخطاب الدينى؟.
أخشى أن يترك الصغار فى معية ممن لا يستبطنون معانى الدولة المدنية، فيحرثون الأرض من تحت أرجلنا، ويستزرعون بذور الدولة الدينية ونحن عنهم غافلون!.
بالله عليك تحدث حتى نراك، ونرسم معا الخطى نحو الدولة المدنية المرتجاة، الرفض للرفض ليس سبيلا، والرفض يولد رفضا، ولسنا فى رفاهية الرفض لمجرد الرفض، فقط الشفافية فى التطبيقات للاستراتيجيات المقررة، قد يكون السعى خيرا ولكل ما سعى، ولكن التفاكر والتفاهم ومذاكرة الواجب الوطنى فى مرحلة فارقة فى عمر الدولة المصرية تحتاج إلى فكر جماعى، ينتج عملا جماعيا، يستهدف خير البلاد والعباد.
ما يصدر عن الوزارة من بيانات لا يشفى غليل النخبة إلى الأفكار المؤسسة لاستراتيجية «تجديد الخطاب الدينى».
جد تفاءل المثقفون بتولى الوزارة لمثقف عميق الفكر، يجادلهم بالتى هى أحسن، وما إن تولى حتى تجنب الحوار معهم، وذهب إلى تطبيقات فوقية مقلقة على مستقبل الدولة المدنية.
نقلا عن المصري اليوم