بقلم يوسف سيدهم
قامت الدنيا ولم تقعد علي أثر تداول أخبار عن إعلان هولندا تفعيل المعايير الخاصة بدراسة حالات المطالبين بمنحهم حق اللجوء السياسي أو اللجوء الديني....كانت فرصة ذهبية للمتربصين بالأقباط-سياسيين أو إعلاميين أو إسلاميين-لصب
قراءة في ملف الأمور المسكوت عنها-(410
قامت الدنيا ولم تقعد علي أثر تداول أخبار عن إعلان هولندا تفعيل المعايير الخاصة بدراسة حالات المطالبين بمنحهم حق اللجوء السياسي أو اللجوء الديني....كانت فرصة ذهبية للمتربصين بالأقباط-سياسيين أو إعلاميين أو إسلاميين-لصب جام غضبهم علي الأقباط واتهامهم بالخيانة العظمي وبالإساءة إلي الوطن وتشويه صورة مصر,هذا بخلاف الشخصيات العامة التي ظهرت في الفضائيات لتشجب طالبي اللجوء السياسي أو الديني وتنبري في إطلاق العبارات الوطنية الزخرفية بأن مصر وطن لكل أبنائها ولا تميز بينهم وأن هولندا بفعلتها هذه تتدخل في شئون مصر الداخلية وتشق الصف الوطني المتماسك للمصريين!!
الجميع ركبوا موجة التشدق بالوطنية ولم يلتفتوا إلي أمور عدة أهمها أن طلب اللجوء السياسي أو الديني هو حق لأي مواطن يشعر أنه مضطهد في بلده وأن القانون لا ينصفه وأنه لم يعد يشعر بالأمان إما بسبب تعقب السلطات له أو بسبب تهديد أقرانه من المواطنين له ولأسرته...في كل هذه الحالات تقوم الدولة التي تتلقي طلب ذلك المواطن بفحص حالته فحصا دقيقا ومراجعة أوراقه قبل أن تقرر منحه حق اللجوء من عدمه.إذا الأمر لا ينطوي علي مؤامرة أو خيانة أو شق الصف الوطني,بل هو انعكاس لواقع مريض كئيب لا يتمناه أحد ولا يمكن علاجه إلا بفحص الذات وتطهير وترتيب البيت من الداخل حتي تنتفي حاجة أي من أبنائه إلي الاستغاثة بالغرباء لإنقاذه من بئس المصير الذي يتعرض له.
وأجدني مدفوعا لأن أذكر المتشنجين الذين رفعوا أصواتهم ضد الأقباط أن سجل المصريين طالبي اللجوء السياسي أو الديني خلال العقود الأربعة الماضية يزخر بالمسلمين الذين تفوق أعدادهم أعداد الأقباط كثيرا جدا...فسجل المعارضين السياسيين والمتطرفين الإسلاميين الذين فروا من مصر للهرب من مطاردة السلطات لهم سجل طويل جدا وقصص هروبهم إلي الدول العربية ومنها إلي باكستان وأفغانستان ومنها إلي الدول الأوربية مسجلة ومعروفة...لكننا لم نسمع أبدا عمن يتهمهم بالخيانة أو بالإساءة لمصر بل كنا نسمع عن الإشادة ببطولاتهم وبتضحياتهم وحتي بعد استقرارهم في الخارج في الدول التي منحتهم حق اللجوء السياي أو الديني وبعد أن استقروا هم وأسرهم وبعد تنكرهم لفضل تلك الدول عليهم وتحولهم فيها إلي إرهابيين معادين للمجتمعات الغربية ومنادين بمحاربتها باتوا أبطالا ورموزا للكفاح والجهاد!!
الأمر للأسف لا يعدو أن يكون صورة أخري من داء انفصام الشخصية الذي نعاني منه,فإن كان طالب اللجوء السياسي أو الديني مسلما فارا من مصر أو حتي مسلما قادا إلي مصر هربا من بلده الذي يضطهده,هو يستحق كل التعاطف والتأييد ويستحق منحه حق اللجوء إلي الدول الخارجية أو إلي مصر,أما إذا كان قبطيا تجرأ بالصراخ من جراء واقعه المرير وافتقاده للأمن والأمان وتنكر سلطات وقوانين وطنه له,فهذا خائن وجاحد لوطنه يستحق الإعدام!!
من السهل جدا علي أي شخص لا يعاني من أي صورة من صور الاضطهاد ولا يتعرض لأية تهديدات تمس حريته أو أسرته أو عمله أو ممتلكاته أن يجلس ليتشدق بزخرف الكلام بأن مصر بلد آمن وليس فيه تمييز بين أبنائه وأن المصريين كلهم إخوة تربطهم روابط تاريخية أزلية...إلي آخر هذا الشريط من العبارات المعسولة التي تتنكر للواقع أو تتجاوز معاناة بعض المواطنين...ليس بالضرورة أن تكون المعاناة منصبة علي جميع المواطنين لنعترف بها,إنما يكفي أن يصيب الواقع المريض مواطنا واحدا ويجعله غير مطمئن علي نفسه وأسرته حتي يهرع في طلب أي إنقاذ,وإذا كان الإنقاذ غير متاح بواسطة أهله وعشيرته ووطنه فما معني الأهل أو العشيرة أو الوطن إذا؟!!...وما ذنبه إذا سعي لطلب الإنقاذ من الغرباء؟
ولمن لا يعرف جسامة الإحساس بالانسلاخ عن الوطن وقسوة النفي داخل الوطن إليكم هذه الرسالة التي وصلتني عبر البريد الإلكتروني,إنها إستغاثة صادرة عن المواطن م.ف. مؤرخة 15 أغسطس الماضي وهو يقيم في أسيوط ويقول في رسالته التي يتضح منها أنها مرسلة إلي جهات عديدة خارج مصر لطلب حق اللجوء الديني:أنا وأسرتي المسيحية المقيمون في أسيوط نعاني من أسوأ مظاهر الاضطهاد الديني وأشعر أن حياتي وحياة أفراد أسرتي في خطر من جراء المشاعر العدائية والتهديدات التي تحيط بنا.فبسبب قيامي بوضع صليب علي باب بيتي قام المتطرفون الإسلاميون وأتباع جماعات الجهاد الإسلامي باقتحام بيتي والاعتداء علي وعلي والدتي المسنة المريضة وأصابوني إصابات بالغة بالأسلحة البيضاء الأمر الذي استدعي لجوئي إلي المستشفي العام بأسيوط حيث تم صدور تقرير طبي بالإصابات التي لحقت بي وتم تحرير محضر الشرطة اللازم علي أثر ذلك.وبالرغم من تحديد أسماء المتهمين الذين قاموا بالاعتداء علينا قامت السلطات باستجوابهم ثم أفرجت عنهم ليستمروا في تهديدنا والتنكيل بنا كلما تحركنا في المنطقة التي نعيش فيها.
هل تتحرك السلطات المصرية للتحقيق في هذه الشكوي؟...هل يتحرك المجلس القومي لحقوق الإنسان لإنصاف هذا المواطن؟....إن لم نفعل ذلك وتركناه هو أو غيره من الذين يحيق بهم هذا المصير المؤلم يستغيثون بالخارج طلبا لحق اللجوء الديني فلا نلوم إلي أنفسنا.
*محنة الفيلم المسئ...وثلاث لاءات
**لا لسقطة استباحة الأديان والمقدسات واستحلال جرح المشاعر...إنها كارثة بكل المقاييس أن تتستر تلك المؤامرة الدنيئة خلف ادعاءات الفن أو الإبداع أو حرية التعبير.
**لا للاندفاع الإعلامي للحصول علي بيانات الشجب وتصريحات الإدانة من الكنيسة والأقباط كوسيلة لتبرئة أنفسهم كلما انفجرت سقطة تنطوي علي ازدراء الدين الإسلامي...لا يستقيم اعتبار الكنيسة أو الأقباط في الوطن رهائن وأسري علي ذمة الاعتذار عن الموتورين وضعاف النفوس لمجرد كونهم أقباطا.
**لا للغضب الهستيري المنفلت الذي ينتج تشنجا وفوضي وعنفا وتدميرا للتعبير عن الاحتجاج علي الإساءة للأديان...إن ذلك النوع من الغضب يصب في النهاية لصالح تشويه صورة الإسلام والمسلمين ولا يخدم سوي مصالح الواقفين وراء الإساءة للأديان.