القمص يوحنا نصيف
* مقدمة:
شهر أبيب يتميّز بوجود عيد الآباء الرسل في بدايته (5 أبيب)، ولذلك جاءت قراءات الآحاد فيه كلّها عن مبادئ رعوية وأبعاد روحية في الخدمة..
الأحد الأول: إرسالية التلاميذ ووصايا المسيح لهم (لو1:10-20).
الأحد الثاني: حديث عن الاتضاع، ومَن هو الأعظم؟.. وخطورة العثرة (مت1:18-9).
الأحد الثالث: إشباع الجموع (لو10:9-17).
الأحد الرابع: إقامة لعازر (يو1:11-45).
من خلال هذه الفصول الجميلة التي اختارتها لنا الكنيسة، أحاول بنعمة المسيح أن أقدِّم دراسة تأمُّليّة مبسّطة، لمساعدة كلّ إنسان كي يكون خادمًا أمينًا للمسيح.
* بداية الطريق:
"ليس أحد يضع يده على المحراث وينظر إلى الوراء يصلح لملكوت الله" (لو62:9).
من الصعب على الإنسان أن يسير في طريق الخدمة بثبات ونمو، ويَظهر في خدمته ثمر إن لم يدخل من الباب الصحيح، ويسير في ضوء كلام المسيح، لا يحيد عنه يمنةً ولا يسرة.
البداية تسليم كامل للحياة في يدّ الرب يسوع، مثلما فعل آباؤنا الرسل، بكل ثقة وبساطة وبإيمان قوي. لأن النظر للوراء لأشكال العالم ومغرياته سيعرقل المسيرة؛ فقد قالها ربنا يسوع ببساطة أن مَن ينظر إلى الوراء لا يصلح.. يسوع فيه الكفاية، وفيه كلّ الغِنى والشبع.. ومَن ينفتح عليه بكلّ قلبه سيرتوي، بل يفيض من عمل الروح فيه.
الحياة مع يسوع في الخدمة حياة مُمتعة فيها يشكِّل الروح القدس في الإنسان صورة المسيح، بشرط أن يكون الإنسان طيِّعًا في يده، وتأتي بعد ذلك الخدمة تلقائيًا لأن المسيح الحيّ الظاهر هو الذي يعمل. وتستغرق عملية تشكيل صورة المسيح في الإنسان من الروح القدس وقتًا طويلاً حتى يحدث النضوج وتظهر الصورة.. وتمرّ العملية بمراحل واختبارات كثيرة تتّضح فيها طول أناة الله مع الإنسان كأب حقيقي يتعب معه ليصنع منه أيقونة جميلة!
* خطوات الإعداد:
"إن أراد أحد أن يأتي ورائي، فلينكِّر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني" (لو23:9).
"إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد فلن تدخلوا ملكوت السموات" (مت3:18).
"لا تحملوا كيسًا ولا مزودًا ولا أحذية.." (لو4:10).
إلهي المحبوب يرتِّب لي خطوات الطريق وشروط تبعيته:
1- إنكار الذات والأنا.. لأنّها ببساطة تعوق عمل الروح في نفسي فتصير حياتي مُقفِرة مُجدِبة، ولأن الذات أيضًا إذا تضخّمت فسوف تقف حجر عثرة في طريق توبتي واقترابي من أحضان يسوع، ولأنها أيضًا قد يستخدمها الشيطان كلغم في الطريق إذا داس عليها أيّ إنسان قد تنفجر فيه، وتقطع رباطات المحبة، وتفتَّت الخدمة فيحزن الروح القدس في الداخل ويتعطّل عمله..!
أشكرك يا ربي يسوع لأنك نبّهتني منذ البداية أن أعيش معك مثل طفل بسيط متضع لا يعمل لذاته وزنًا.. فلا تكون نفسي ثمينة عندي حتى أتمِّم بفرح جهادي والخدمة التي أخذتها منك.. أعطني يارب أن أتدرَّب على إنكار ذاتي كلّ يوم؛ في الصلاة والميطانيات وقرع الصدر، ومحاسبة النفس بتدقيق وتبكيتها، والصبر على الشدائد، والتمسُّك دائمًا بالفِكر المنسحق ورفض الأفكار المتعالية.
2- حمل الصليب.. وهو أهم علامات التبعيّة للمسيح.. وعندما يأتي في وضعه السليم بعد إنكار الذات يكون لذيذًا شهيًّا، لأن الإنسان عندما يكتشف حُب يسوع المصلوب له يودّ أن يتحمّل أي تعب أو إهانة من أجل خاطر يسوع المحبوب كشركة آلام معه وعلامة حُب له!
إنّ طريق الخدمة هو طريق الصليب، وإن اختفى الصليب فلن تأتي الخدمة بثمرة واحدة.. أمّا ألذّ ما في طريق الصليب فهو أن يسوع بنفسه يحمله معي ويسير أمامي، وهذا يكفي مهما كانت وعورة الطريق!
3- تنفيذ الوصية، وكفى.. بلا رتوش أو جدل أو إدخال لقياسات العقل فيها، لأنّ يسوع يضمن كلّ كلمة قالها!
(يُتَّبَع)
القمص يوحنا نصيف