القمص رويس الجاولى
المسيحيون في عصر المغول
خلال الغزو المغولي لبغداد، هو الاصطلاح الذي يُشير إلى دخول المغول بقيادة هولاكو خان حاكم إلخانيَّة فارس مدينة بغداد حاضرة الدولة العبَّاسيَّة وعاصمة الخلافة الإسلاميَّة في عام 1258، أمَّن المغول سُكَّان بغداد المسيحيين على حياتهم بِتوصية من زوجة هولاكو النسطوريَّة دوقوز خاتون، وكذلك اليهود ومن التجأ إلى دار ابن العُلقُمي، وطائفةٌ من التُجَّار بذلوا المال ليسلموا وذويهم من القتل. كان أغنياء بغداد من المُسلمين يُدركون المكانة التي يحتلها السُريان لدى هولاكو لذا سارعوا إلى وضع أموالهم أمانةً لدى بطريرك السُريان النساطرة لكي لا ينهبها جُنود هولاكو. وعرض هولاكو قصر الخلافة لِلبطريرك سالف الذِكر، وأمر لهُ بِبناء كاتدرائيَّة.
وعندما غزا تيمورلنك بلاد فارس وبلاد ما بين النهرين وسوريا في القرن الرابع عشر، تم هلاك العديد من السكان المدنيين. وقام تيمورلنك بذبح 70,000 مسيحي آشوري في تكريت، إلى جانب ذبح 90,000 مسيحي في بغداد. صرَّح ماركو بولو في كتابه في القرن الرابع عشر، أن بعض الأكراد الذين سكنوا الجزء الجبلي من الموصل كانوا مسيحيين، بينما كان آخرون مُسلمين.
+++ بدأ محمود غازان (1295-1304) سلطان الدولة الإلخانية باضطهاد المسيحية والبوذية، وتذكر إحدى القرارات التي حملت ختم غازان أمرا بتدمير الكنائس وقلب المذابح وإسكات التراتيل، ودعا إلى قتل كبار اليهود والمسيحيين. غير أن قرارات كهذه لم تنفذ في جميع المناطق، فسلم مسيحيو الموصل وكنائسها بعد أن رشوا حاكمها، بينما دمرت كنائس أربيل حين لم يتمكن مسيحييها من جمع ما يكفي لإنقاذها
وتذكر مخطوطة أن عهد محمد أولجايتو شهد إقرار قانون يخير المسيحيين بين الإسلام أو دفع الخراج والجزية ونتف لحاهم وشمر وجوههم، وحين رضى المسيحيين بشروطه، أمر بخصيهم وسمل إحدى عيناهم.
وأبيد المسيحيون الذين تحصنوا بقلعة أربيل في 1 يوليو عام 1310، وتدهورت أحوالهم في بغداد بحيث أصبحوا لا يجرؤون على الظهور علنًا.
تمتع المسيحيون في بغداد في عهد الإلخان أبو سعيد بهادر خان بحماية من قبل أحد أمرائه غير أن أوضاعهم ساءت مجددًا بعد عام 1327.
بعد وفاة أبو سعيد بهادر خان تصارع عدة أمراء على الحكم إلى أن تمكن الجلائري حسن برزج من بسط سيطرته على العراق.
وفي عهده ظهر الأمير المسيحي المنغولي هجي توجي الذي تحالف مع الجلائيريين وقام باستعادة بعض الكنائس في بغداد كما دعم ترشيح دنحا الثاني (1336-1381) كرأس على كنيسة المشرق في بغداد. نقل دنحا كرسيه إلى كرملش شرقي الموصل كما عرف عنه علاقته الودية مع بطاركة الكنيسة السريانية الأرثوذكسية.
+++ ولدى وفاة تيمورلنك عام 1405 باتت كنيسة المشرق قاب قوسين أو أدنى من الاختفاء من التاريخ بعد تدمير مؤسساتها الثقافية والدينية بشكل شبه كامل والمذابح ضد المسيحيين النساطرة.
وتحول كرسي البطريركية إلى منصب وراثي ينتقل إلى ابن الأخ تحت تأثير الأم والخالات (لم يكن للبطريرك أطفالاً كونه بتولاً) بقرار من شمعون الرابع باسيدي (1437-1497) عام 1450. وبدأت المطرانيات والأسقفيات تتشكل مجددًا وخاصة بمنطقة الجزيرة الفراتية كما في ماردين ونصيبين غير أن أسقفيات أخرى اختفت في القرن السادس عشر كما في طرسوس.