د. ممدوح حليم
أسرار خلافه مع البابا شنوده
من الموضوعات الشائكة في تاريخ الكنيسة المعاصر قصة وأسرار خلاف البابا شنوده مع الأب متى المسكين، والذي امتد منذ خمسينيات القرن الماضي حتى عام ٢٠٠٦ حين رحل الأب متى المسكين أولا....
ترهبن الأب متى المسكين عام ١٩٤٨ وانتقل لدير السريان عام ١٩٥١، وفي عام ١٩٥٤ قدم إليهم شاب اسمه نظير جيد ، ولم يعرف آنذاك ترتيب السماء أنه سيصبح البابا شنوده الثالث....
عهد رئيس الدير إلى الأب متى المسكين أن يتولى الإشراف الروحي كأب اعتراف للرهبان الجدد الجامعيين بتوع مدارس الأحد كما كان يطلق عليهم، وكان من أبرزهم الراهب انطونيوس / الانبا شنوده ....
ولأن منهج الأب متى المسكين يتسم بالصرامة والشدة والرغبة في خضوع الآخرين، ولأن الراهب انطونيوس / البابا شنودة لديه نزعة الزعامة والقيادة والرغبة في التفرد وأن لا يظهر في الأوساط الكنسية على أنه مجرد تابع خاضع لراهب كثير المشاكل هو متى المسكين ، لذا انفصل عنه وعن مجموعته
وفي عام ١٩٥٦ غادر متى المسكين ومجموعته دير السريان إلى دير الانبا صموئيل ، فلم يذهب معهم الراهب انطونيوس/ أنبأ شنودة، وكان ذلك ذكاء منه وحسن تقدير ، إذ إن ذلك سيضعه في قائمة الرهبان المتمردين الأمر الذي من شأنه أن يحول دون وصوله للمناصب الكنسية العليا وهو الأمر الذي كان يطمح إليه من خلال رهبنته.
اوجد هذا الموقف فجوة وجفوة بين الزعيمين امتدت حتى آخر حياتهما....
وفي الانتخابات البابوية التي جرت عام ١٩٧١ ، والتي فاز فيها البابا شنودة، كان من بين المرشحين الأب متى المسكين ، فطالب الانبا شنوده استبعاده من الانتخابات كونه لم يكمل ١٥ سنة رهبنة بعد استبعاد فترة حرمه من الكهنوت والرهبنه التي قضاها بعيدا عن أسوار الأديرة في وادي الريان ، واستجابت له اللجنة المشرفة على الانتخابات ، الأمر الذي ضايق الأب متى المسكين كونه يشعر أنه ظلم في هذا الأمر
وبعد توليه المنصب البابوي عام ١٩٧١ أصدر البابا شنودة قرارا بمنع دخول كتب الأب متى المسكين مكتبات الكنائس ناسبا له أخطاء فكرية ولاهوتية، علما بأن التلميذ ليس أفضل من معلمه كما قال المسيح
وفي أواخر السبعينات احتدم التصادم بين الرئيس السادات والبابا شنوده ، وكلاهما زعيم، فكان السادات كثير الاستدعاء للأب متى المسكين كونه على علم بخلافه مع البابا شنوده ، ولا يمكن الوصول لحقيقة ما دار بينها. لكن يقينا ما كان للأب متى المسكين أن يقبل العمل كبديل للبابا متجاوزا الاساقفة، ولعله أخذ رأيه في تشكيل اللجنة البابوية، ولم يكن السادات بحاجة ماسة لرأيه فكبار الأساقفة والمطارنة معروفون.
المهم أن السادات أصدر قرارا في ٥ سبتمبر ١٩٨١ بعدم الاعتراف بالبابا شنودة كبطريرك للأقباط مع تحديد إقامته في دير الانبا بيشوي بوادي النطرون مع تشكيل لجنة لإدارة شئون الكنيسة تكون معترفا بها أمام الدولة، وهو أمر حدث أيضا قبلها ب ٢٦ سنة في عهد البابا يوساب وكان السادات معاصرا وملما بأحداثها..
وابان هذه الأحداث المؤلمة أجرت إحدى الصحف الأجنبية حوارا مع الأب متى المسكين عبر فيه عن ارتياحه لقرار استبعاد البابا شنوده لما سيجلبه من هدوء بدلاً من استيقاظه بصورة متكررة على أحداث طائفية مؤلمة لم يبرئ البابا شنودة من أسبابها
هكذا ظلت الفجوة والمرارة بينها. وكان الأب متى المسكين قد أوصى بأن تقتصر الصلاة عليه عند موته على رهبان ديره فقط دون أحد من القيادات الكنسية التي علمت بالأمر بعد دفنه