أحمد الخميسي
" عنف العالم " عنوان كتاب المفكر وعالم الاجتماع الفرنسي إدجار موران، وصدر عن دار " فيلين" بباريس في عام2003. وكان موران معاديا للصهيونية رغم أنه يهودي، ووقع بيانا ضد اسرائيل عام 2004 في صحيفة " لوموند " الفرنسية اتهموه بعدها بمعاداة السامية، واستنكر في العام الماضي الحرب على غزة ووصفها بأنها "مذبحة واسعة النطاق" وقال : " إذا كنا عاجزين عن مواجهة هذه المأساة فإن علينا على الأقل أن نكون شهودا فإن الشهادة هي المقاومة الوحيدة المتبقية لنا".
 
ويشهد تاريخ موران الشخصي بالتزامه بالمقاومة، فعندما غزت القوات الألمانية فرنسا عام 1940 انضم موران إلى المقاومة الشعبية للغزو، وقام بدور كبير في مساعدة اللاجئين الى فرنسا. ويقول موران في كتابه " عنف العالم ": إن الأغلبية الساحقة من الشعوب العربية والاسلامية تشعر بالإهانة المنظمة التي يتعرض لها الفلسطينيون، فإن بقيت هذه المشكلة من دون علاج ، ولم يتم الاعتراف بحق الفلسطينيين في بناء دولتهم، فإن الوضع العالمي سيزداد خطورة". ويرى موران في كتابه أن العنف أصبح يسود العالم، العنف بمعناه السياسي والاجتماعي والأخلاقي، حتى أصبح بوسعنا أن نتحدث عن" عولمة العنف" المحكومة بثنائية " الغني والفقير"، وهو عنف امتزجت فيه عوامل مختلفة في المقدمة منها التطور الاقتصادي الحديث، والفكر الديني، والفكر الاجتماعي، والقومي. ويشير إلى أن" عولمة العنف "
 
قد بدأت تعم العالم بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، والترويج في العالم أجمع لاقتصاد السوق، وأنه:" عندما يصبح الحاضر مقلقا ودافعا على اليأس تصبح العودة إلى الماضي هي الطريقة الوحيدة لمواجهته، ويغدو الماضي ملاذا تظهر فيه الأصولية، والقومية، وتتبلور في أماكن الأزمات". لكن الفيلسوف العجوز لا يغلق الباب أمام الأمل، ويشير إلى ظهور أشكال عديدة لمقاومة " العنف في العالم " تتجلى في المنظمات التي تقاوم وتتصدى مثل " جماعات الخضر" وتنظيمات الدفاع عن الأقليات المهددة بالانقراض،
 
بل وفرق الحفاظ على البيئة وحماية الكائنات الأخرى. ويقول إن هناك ضرورة لإنهاء الحروب في كوكبنا والقضاء على الغياب الصارخ للمساواة بين البشر، ويقترح بهذا الصدد انشاء برلمان عالمي، كما يستشهد في كتابه بعبارة الفيلسوف الألماني مارتن هيدجر : " البداية ليست خلف ظهورنا، لكنها أمامنا" ومن ثم فإن علينا أن نكف عن مواصلة السير على ذلك الطريق،
 
وأن نجد طريقا آخر لتوحيد الكوكب وتوفير احتياجات الكرامة الانسانية. الكتاب الذي صدر في باريس عام 2003 تمت ترجمته إلى العربية في 2005 ونشرته دار الحوار السورية بترجمة عزيز توما.