بقلم الاستاذ /شريف البدري
استيقظت المدينة على زغاريد الصغيرات، وطلت عليها رياح البحر، رياح فرح تفتح النوافذ و تراقص الخيول وتحمل أجنحة الطيور نحو السماء فسكنت أنات الفقراء.
واصطف أطفال المدارس ينشدون براءة الصغار:
اليوم يوم عيد! هوعيد للفقراء يأكلون حتى يشبعون ويمرحون ويتسامرون في كل شيء انهم يعشقون النميمه، ولا حرج من بعض النكات التي طالما اودت لمشاجرات سريعة ساخرة.
هو عيد للشحاذين فهم ينتشرون بين الناس تمتد ايديهم الطويله لاعلى فتتخطف ما تصل اليه، ولاسفل الى ما سقط على الأرض، وقد تطول الى الجيوب انهم يتسولون كل شيء،
ولو بقايا طعام. الكل يشبع لاجوع اليوم! الكل يشرب لا ظمأ!
الكل يكتسي! الكل ينتعل!
وها هو ذا(سمعان الخباز) يفتح دكانه على مصراعيه وصبيه يوزع الحلوى ويلقي بالخبز على قارعة الطريق مناديا:
خذ ماشئت وما استطعت وعلى حين بغتة، دقت طبول اهتزت لها المدينه، فسكنت وأنصتت وكأنما مسها الموت.
فإذا بالشيخ مهدي يتصدر موكب عظيم مزهوا بقلادته المدلاه
وثيابه المزركشة التي تعكس الشمس بريقها في وجوه العامة
والشيخ مهدي يضرب بعصاه على الارض ويترنح صارخا:باركواعمدة مدينتكم.. باركوا أرواح اجدادكم. باركوا يوم المولود الاول في مدينتكم حينها سترضى عنكم السماء! وإذا بالغلمان ينتظمون بملابس زاهية وضرب أقدام متناغمة، ترفرف حولهم أعلام المدينة الخمسة، وهي أعلام بعدد قبائلها التي ابتدأ بها الحرث والنسل.
وها هو عمدة المدينة يتربع على عرشه شامخا كهرم لا تصل لجبهته عين، يتبعه موكب الأعيان وقد حمل خدمهم هدايا العيد السعيد ينثرونها في كل مكان.
وعلى جوانب الطرقات جلست المدينة يطأطأ اهلها رؤوسهم في استكانة يلمحون الأعيان كنجوم في السماء،
والنجوم لا تراها إلا بعيده عنك، بعيدة عنك جدا ، إن أهل المدينة قد ذهبت عقولهم من عجب ما رأوا في موكب الأعيان، وهم لا يبالون بما شاع عن مدينتهم او ان سمائها لم تعد تمطرالإ ما ندر، او أن لعنة سكنتها إلى الأبد.
إنهم سعداء بمدينتهم فهي عزيزة وإن جارت عليهم، كريمة وإن ضنت عليهم، أبية وإن زلزلتها نوائب الدهر.
وقفت المدينه خاشعة وحينها جلس
عمدة المدينة(صقر بن سليم بن جلال الراعي) وهو حفيد (جلال الراعي) أسطورة المدينة ذاك الرجل الذي أتى إلى المدينة في غابر الزمان وكانت تلال خربة فعمرها واستعمرها وقتل وحوشها وإستأنس أرضها وانبتها، تزوج من ابنة راعي غنم وأنجب أبناء خمس فتوالدت القبائل الخمس للمدينة، وخلدت المدينة تتحدى الزمن .
بقلم الاستاذ /شريف البدري