بقلم: شريف منصور
حين نحاول فهم أسباب العداء المستمر بين كثير من المسلمين واليهود، لا يجوز أن نُرجع الأمر فقط إلى الصراع العربي الإسرائيلي، أو إلى أسباب سياسية حديثة. بل إن الحقيقة المؤلمة أن هذا العداء له جذور دينية وعقائدية متجذرة في صلب النصوص التأسيسية للإسلام، سواء في القرآن أو في الحديث النبوي، بل وحتى في السيرة المحمدية ذاتها.
وفي هذا المقال، نضع الأمور في نصابها الحقيقي، بعيدًا عن التجميل أو الخطاب الدبلوماسي، ونكشف كيف أسست تلك النصوص لعداء ديني استمرّ حتى يومنا هذا.
⸻
أولاً: القرآن وتحريض مباشر ضد اليهود
من يقرأ القرآن بتمعّن، لا يستطيع أن ينكر أن هناك تركيزًا كثيفًا ومتكررًا على تصوير اليهود في صورة العدو، والناكر للنعمة، والمحرف للكتب، والخائن للعهود.
أبرز الآيات:
• “لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ…” – (المائدة 78)
• “كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا” – (المائدة 64)
• “ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالمَسْكَنَةُ…” – (البقرة 61)
• “كَمَثَلِ الحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا” – (الجمعة 5)
ولا بد من التأكيد أن هذا التكرار ليس عارضًا، بل ممنهجًا، ويؤسس لصورة نمطية عن اليهود في وعي المسلم، باعتبارهم أعداء الله والأنبياء.
⸻
ثانيًا: الحديث النبوي والتحريض على الإبادة
من أخطر الأحاديث المتداولة والصحيحة عند جمهور المسلمين، الحديث التالي:
“لا تقوم الساعة حتى يُقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلم، حتى يختبئ اليهودي وراء الحجر أو الشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم، يا عبد الله، هذا يهودي ورائي فاقتله…”
(صحيح مسلم 2922)
هذا الحديث يُدرّس في مناهج التعليم الديني، ويُتلى على المنابر، ويُستخدم كتبرير ديني للعداء والإبادة الجماعية. بل هو جزء من الميثاق المؤسس لحركة “حماس” – الذراع الإخواني في فلسطين.
⸻
ثالثًا: السيرة النبوية… تصفية وتهجير
السيرة النبوية تُظهر بوضوح أن النبي محمد دخل في صراع مباشر مع يهود المدينة، وكانت النتيجة:
• طرد بني قينقاع
• طرد بني النضير
• إبادة بني قريظة: حيث تشير الروايات إلى ذبح ما بين 600 إلى 900 رجل في يوم واحد، وبيع النساء والأطفال كسبايا.
وقد قال في حديث صحيح:
“لأخرجنّ اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع فيها إلا مسلمًا”
(صحيح مسلم)
⸻
رابعًا: تأصيل فقهي للعداء
كبار فقهاء الإسلام أمثال ابن تيمية، وابن القيم، والطبري، والقرطبي، فسّروا هذه النصوص بما يعزز من كراهية اليهود، حتى اعتُبروا “أمة مغضوب عليها” لا عهد لها ولا أمان. وتم فرض “الجزية” عليهم، ومنعهم من التباهي بدينهم، وتحجيم دورهم في المجتمع.
⸻
خامسًا: واقعنا اليوم… إرث متواصل من الكراهية
حتى في عصرنا الحديث، ما زال الخطاب الديني في كثير من المساجد، والقنوات الإسلامية، والمناهج الدراسية في عدة دول، يتعامل مع اليهود على أنهم أعداء أبديون للمسلمين. يُخلط بين اليهودي كإنسان، وبين الموقف من “إسرائيل”، ليُبرر خطاب تحريضي خطر، له جذور في النصوص ذاتها.
⸻
خلاصة المقال:
نعم، هناك عداء تاريخي وديني واضح في نصوص الإسلام تجاه اليهود، لا يمكن إنكاره. وهذا العداء ليس سياسيًا عابرًا، بل مؤسس في العقيدة الإسلامية التقليدية. والاعتراف بهذه الحقيقة هو الخطوة الأولى نحو تفكيك هذا الفكر، وفتح باب المراجعة الجريئة للموروث، من أجل مستقبل لا يُبنى على الكراهية، بل على قيم إنسانية عادلة