ماهر الجاولي - مراسل الأقباط متحدون - شيكاجو 
تتجه أنظار العالم كله إلى إيران وبرنامجها النووي، وسط تساؤلات ملحّة حول ما إذا كانت طهران تمتلك "فعليًا" القدرة على إنتاج سلاح نووي، أو ما إذا كان العالم أمام نسخة جديدة من “الخطأ الاستخباراتي” الذي جرى في العراق عام 2003، عندما شنت الولايات المتحدة حربًا شاملة على أساس مزاعم بامتلاك بغداد لأسلحة دمار شامل، ثبت لاحقًا عدم صحتها، لكنها أدت إلي دمار كامل للبنية التحتية العراقية.

في عام 2003، قادت الولايات المتحدة غزوًا عسكريًا للعراق، مستندة إلى تقارير استخباراتية أكدت امتلاك نظام صدام حسين لأسلحة دمار شامل. إلا أن فرق التفتيش الدولية لم تعثر على أي أدلة حقيقية على تلك المزاعم، وأُعتُبر الغزو لاحقًا “خطأً استراتيجياً” كلّف المنطقة والعالم تبعات جيوسياسية وأمنية مستمرة حتى اليوم.

اليوم، تدور شكوك مشابهة حول البرنامج النووي الإيراني. فبينما تصرّ طهران على أن برنامجها يقتصر على الأغراض السلمية وتحت رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تؤكد إسرائيل وبعض الأطراف الغربية أن إيران تقترب من “نقطة اللاعودة” في إنتاج سلاح نووي. 

الشيء المشترك بين الحالتين يكمن في الغموض المعلوماتي والتوظيف السياسي للمخاوف الأمنية. ففي كلا الحالتين، شكّلت “النية” المفترضة لاستخدام التكنولوجيا العسكرية أساسًا للتصعيد، رغم غياب أدلة مادية دامغة.

لكن الاختلاف الرئيسي هو أن إيران وقّعت على اتفاق نووي مع قوى كبرى عام 2015، ووافقت حينها على قيود صارمة، بينما لم يكن للعراق أي برنامج نووي نشط أو خاضع للمفاوضات وقت الغزو. 

والآن في وقت لا تزال فيه الحقيقة الكاملة غائبة أو محجوبة، تبرز الحاجة لتقييم مستقل وشفاف للقدرات النووية الإيرانية، بعيدًا عن الضغوط السياسية والدعايات الحربية. 

العالم - اليوم - لا يتحمل تكرار “خطأ العراق” الذي فتح أبواب الفوضى لعقود، ولا يمكنه كذلك تجاهل احتمالية تحول إيران إلى قوة نووية، إن ثبت وجود مشروع عسكري سري.