"الجميع زاغوا وفسدوا معًا، ليس من يعمل صلاحًا، ولا واحد." (رومية ٣: ١٢).
الأب أغسطينوس بالميلاد ميلاد سامي ميخائيل بطرس... F Oghos Melad
الفساد متفشٍّ من الجذور إلى القمة، ومن قمة الرأس إلى أخمص القدمين، في مختلف المواقع، وفي جميع المجالات، وفي كل المؤسسات، العامة والخاصة. وهذا ليس بجديد؛ فهو موجود على مرّ العصور والأزمنة، ولا يمكن لأحد أن ينكره، أو يتهرب منه، أو يُبرئَ نفسه أو الآخرين.
لكن المهم هو أن نسعى ونحاول الإصلاح دون أن ندين أحداً، ودون أن نخرج أنفسنا من هذا الواقع، لأننا موحولون، ومنغمسون فيه تماماً، لدرجة الغرق.
"إنما باطل بنو آدم. كذب بنو البشر. في الموازين هم إلى فوق. هم من باطل أجمعون." (مز 62: 9).
والنضج الحقيقي يتطلب أن نبدأ بأنفسنا، دون تشويه الآخرين، أو لومهم أو اتهامهم. فجميعنا متضامنون ونتشارك في الخطأ، وستقع علينا العواقب نفسها، شئنا أم أبينا، وسواء قبلناها أم رفضنا. فنحن في بوطقة واحدة، وفي السفينة نفسها، وفي البحر ذاته. فنحن كلنا ملتحفون بنفس الغطاء. ولا مفرد من كوننا رغم اختلافاتنا وخلافاتنا فنحن وأحد. وسنلقى نفس المصير.
فإذا أخطأ شخص واحد، فجميعنا نخطئ. إذا سقط أحد، سقطنا جميعًا...
وإذا تحسّن أحد، تحسّنا جميعًا. وإذا نهض أحد، نهضنا جميعًا...
ليس من النضج، ولا الحكمة، ولا الفطنة، ولا العقلانية، ولا التمييز، ولا الروحانية، ولا الطهارة، ولا العفة أن نلوم بعضنا بعضًا، أو نتهم بعضنا بعضًا، أو نشتم بعضنا بعضًا، أو نهين بعضنا بعضًا، ولا نسخر من بعضنا بعضًا، أو نحكم على بعضنا بعضًا، أو ندين أحدًا...
فلا نجلس في أسواق وشوارع الإنترنت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، (نفرش الملايات)، ونجرح بعضنا بعضًا، ونشوّه بعضنا بعضًا، ونقتل بعضنا بعضًا، ونغتاب بعضنا بعضًا، وننتقص من كرامة وهيبة بعضنا بعضًا...
دورنا الحقيقي الغفران والتسامح والرحمة فالمحبة تعذر... لأجل البناء، وإن لم نستطع البناء، فعلينا الترميم. وإن لم نستطع الترميم، فعلينا الحفاظ على ما هو موجود. وإن لم نستطع ذلك، فلنجعل من أجسادنا جدارًا، وستارًا، وسترًا وعطاًء لبعضنا البعض، ولنتعاهد على اللطف والهدوء والاحترام. وإن لم نصل إلى نتيجة، فيكفي أن نكون أوفياء لحياتنا. فكل منا يحافظ على حياته وخلاصه الأبدي، ولا نشغل أنفسنا بشؤون الآخرين، بل فليهتم كل منا بشؤونه الخاصة.
"لماذا تنظر إلى القذى الذي في عين أخيك، وأما الخشبة التي في عينك فلا تفطن لها؟ (لوقا ٦: ٤١).
لا تدينوا لكي لا تدانوا. (متى ٧: ١).
الأب أغسطينوس بالميلاد ميلاد سامي ميخائيل بطرس... F Oghos Melad