الأب جون جبرائيل الدومنيكانيّ
ليس لدينا أي دلائل تاريخية أو أثرية قطعيّة معاصرة للحدث (أي القرن الأوّل الميلادي) تُثبت قطعيًّا دخول العائلة المقدّسة إلى مصر.

الرحلة ذُكرت في نصّ إنجيلي واحد وهو إنجيل متى (مرقس ولوقا ويوحنا مجابوش سيرة!)
مجرّد تقليد كنسي تطوّر في مصر منذ القرون الأولى،
نصوص أبوكريفيّة (أناجيل منحولة) لاحقة،
مواقع تكريمية ظهرت بعد القرن الرابع.

المصدر الإنجيلي الوحيد: «فقام يوسف وأخذ الصبي وأمّه ليلاً وانصرف إلى مصر، وكان هناك إلى وفاة هيرودس، ليتمّ ما قاله الربّ بالنبيّ: من مصر دعوتُ ابني" (متى 2: 14-15). مختصر جدًّا، ولا يذكر إلى أين تحديدًا في مصر ذهبوا، ولا كم مكثوا. ويذكِّر هذا النصّ نصّ هوشع «من مصر دعوتُ ابني»  11: 1، في سياق نبويّ أصلاً عن شعب بني إسرائيل كشعب، لا عن المسيح.

 لا يوجد أي ذكر آخر في الأناجيل القانونية لهذه الرحلة.

التقليد القبطي المصري:
بدءًا من القرن الرابع/الخامس الميلادي (وقد يكون بعد ذلك) بدأ يظهر في مصر تقليد كنسي محلي يُفصّل مسار العائلة المقدّسة: بابليون (مصر القديمة)، المطرية، وادي النطرون،
دلتا النيل، صعيد مصر (أسيوط، دير المحرّق)...
لكن هذه التفاصيل ليست موجودة في إنجيل متى ولا في أي مصدر من القرون الثلاثة الأولى.
النصوص الأبوكريفيّة:
هناك نصوص لاحقة تُدعى "أناجيل الطفولة"، مثل: إنجيل الطفولة العربي (The Arabic Infancy Gospel)،
إنجيل توما الطفولي (Infancy Gospel of Thomas).
هذه النصوص كُتبت في القرن الخامس وبعده، وهي خيالية وتحتوي على معجزات عجائبية.
❗️ لا تُعدّ مصادر تاريخية موثوقة، لكنّها ساهمت في نشر تقاليد الرحلة.

الأدلّة الأثرية:
لا يوجد اليوم في علم الآثار دليل مادي مثبت (نقش، وثيقة، أثر معماري من القرن الأوّل) يؤكّد مرور العائلة المقدّسة بمصر.
أقدم كنائس وأديرة مرتبطة بالرحلة بُنيت في عصور لاحقة (الرابع وما بعده).

لا توجد أيقونات أو كتابات آبائية من القرن الأوّل/الثاني تشهد للرحلة.

يقول عالِم الكتاب المقدّس رايموند براون في كتابه :١٠١ سؤال وجواب حول الكتاب المقدّس" ما يلي: «فقصة يوسف التي ذكرها متى، مع أحلامه ورحلته إلى مصر، تُثير رواية العهد القديم عن يوسف، وحتّى ظهور الملك الشرير هيرودس الذي يذبح الأطفال يُثير ذكرى فرعون مصر الذي حاول أنّ يُهلك موسى. باختصار، ما يفعله متى هو أنّه يقوم بإعادة ذكر قصة إسرائيل لأنها مُقدّمة ضروريّة للإنجيل المضبوط الذي يبدأ بمعموديّة يسوع على يد يوحنا المعمدان.»

معنى لاهوتي أعمق لرحلة العائلة المقدّسة:
ليست مصر مجرّد "محطّة" في تقليد شعبيّ، بل هي أرض أدّت دورًا فريدًا في ثقافة الكتاب المقدّس: فيها عاش يوسف الصدّيق وأبناء يعقوب، منها خرج الشعب العبرانيّ نحو الحرّيّة، وإليها لجأت العائلة المقدّسة هربًا من بطش هيرودس.
✨ إذًا، مصر جزء من تاريخ الخلاص.

ورحلة العائلة تُذكّرنا اليوم بأنّ:
- كل أرض قادرة أن تكون ملجأً لمن يهرب من العنف.
- كل لاجئ هو أيقونة حيّة للمسيح الطفل وعائلته.
- كراهية الأجانب، والعنصريّة، والتنمّر على اللاجئين تتناقض مع رسالة الإنجيل.
من استُقبل غريبًا في مصر استقبل المسيح يسوع نفسه، وهو اليوم حاضر في وجه كل من يُطرَد ويُقهَر.

كما قال رايموند براون في كتابه ١٠١ سؤال وجواب حول الكتاب المقدّس: ما يفعله متى هو أنه يعيد ذكر قصة إسرائيل، لأنها مقدّمة ضروريّة للإنجيل المضبوط، الذي يبدأ بمعموديّة يسوع على يد يوحنّا المعمدان. 

 فليكن هذا العيد تذكيرًا حيًّا بأنّنا مدعوّون إلى أن نكون شعبًا مضيافًا، بيتًا آمنًا للهاربين من العنف والظلم. لأنّ "الآخر" هو أيضًا عائلة المسيح.
وكلمة أخيرة، بلاش الإصغاء إلى الأساطير الشعبية السخيفة بخصوص الزيارة!