اعد هذه المحاضره ونقلها لكم 

الكاتب والباحث : مجدى سعدالله
فى هذا العيد المبارك نتذكر بعدا رعويا كبيرا وهو ان بلادنا المصريه انفردت بهذا الاحتفال وسط كل بلاد العالم . لقد تقدست مصر  بدخول السيد المسيح ارضنا ومباركته بلادنا المصريه . ومعه العذراء القديسه مريم والقديس يوسف النجار والقديسة سالومى . 
 
وفى تذكار هذه المناسبه المباركه اقدم لكم هذه المحاضرة لابينا مثلث الرحمات نيافه الانبا غريغوريوس أسقف عام الثقافه القبطيه . عنوان المحاضره : 
  (شر هيرودس تحوّل إلى خير لمصر)
 
 ألقيت  هذه الكلمه بكنيسة السيدة  العذراء والأنبا رويس بالعباسية فى صباح الأحـد أول يونية 1975 م – 24 بشنس 1691 ( عيد دخول العائله المقدسه الى ارض مصر ) 
 
 باسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين
  شر هيرودس كان فرصة لبركة بلادنا :
 اليوم هو الرابع والعشرون من شهر بشنس المبارك، عيد دخول العائلة المقدسة بلادنا المصرية، 
 
هذا  عيد من أعيادنا السيدية الصغرى، نذكر فيه أن مخلصنا له المجد، اتخذ من شر هيرودس فرصة، ليبارك بلادنا ولم يذهب إلى بلد آخر، لا فى الشمال أو الجنوب أو فى الشرق، لم يذهب إلى بلاد الهند أو بلاد الصين أو بلاد الفرس، ولم يذهب إلى أوربا ولا إلى آسيا، وكان فى مقدوره هذا بل ربما كان أنسب أن يهرب إلى بلد بعيد، حتى لا يعطى لهيرودس فرصة، أن يرسل وراءه جواسيس من قِبَله، 
 
ولكنه فضلاً ورحمة منه علينا، أعطانا هذه الفرصة لنتبارك نحن به وبأمه العذراء مريم، فتشمل بلادنا نعمة كبرى لا يُعَبّر عنها، فما من بلد آخر فى الوجود، يفخر بما تفخر به مصر، ويعتز بما تعتز به بلادنا المصرية، أنها كانت ملاذاً ومهجراً وموئلاً، وملجلأ لجأ إليه رب المجد، لا هرباً فى الحقيقة من هيرودس، فما كان أسهل عليه، أن ينهى حياة هيرودس فى لحظة من الزمان، وما كان أسهل عليه أن يعمى عينى هيرودس وجنوده، ويبقى المسيح فى فلسطين كما هو، دون أن يمسه شيئاً، وأظنكم
 
 
أظنكم قد  قرأتم أكثر من مرة، كيف أنهم كانوا يريدون أن يخطفوه، ولكنه أُخفى عن عيونهم بقدرة لاهوته، وكان يجتاز فى وسطهم وكأنهم لا يستطيعون أن يروه، فليس شيئاً يعترض قدرة مخلصنا، لقد كان من الممكن أن يتجنب كل هذه المتاعب، التى عانتها العائلة المقدسة، وكل الآلام التى عانتها العذراء مريم، وكل المضايقات التى لاقتها فى بعض بلادنا، كل هذا كان من الممكن أن يتجنبه بقدرة لاهوته، 
 
فليس شيئا عسيراً عليه، ولكنه اتخذ من موقف هيرودس ورغبته فى قتله، فرصة مناسبة ليُحَوّل الشر إلى خير، ويعلو على الشر بالخير، فيأتى إلينا ونستضيفه نحن، كما لو كان فى حاجة إلى استضافتنا، نزل بهذا القدر ليعطى فرصة، للذين يمكنهم أن يصنعوا خيراً أن يصنعوه، فتظهر استعداداتهم ورغبتهم فى الخير
 
2- ويكون مذبح للرب فى أرض مصر :
وكانت نتيجة هذه البركة ، أن أُقيم مذبح للرب فى أرض مصر، وعرف المصريون الرب، قبل أن يعرفه أى شعب آخر من شعوب العالم، وبنيت فى بلادنا أول كنيسة وهى المعروفة بالكنيسة الأثرية بالدير المحرق، 
 
 وتفخر هذه الكنيسة بأنها الكنيسة الوحيدة، التى دشنها السيد  المسيح ، إذ يروى تقليدنا أن مخلصنا له المجد، بعد صعوده إلى السماء، وقد رأى ما عانته العذراء وما تعانيه من إضطهاد اليهود لها، لأنها أم المسيح الذى أزعجهم وأقلقهم، وسَبّبَ لهم متاعب كثيرة، فصبوا جام غضبهم وغيظهم عليها
 
 فظهر لها المسيح له المجد وطّيب خاطرها، وقال لها: إن كل مكان ذهبت إليه معى، يقام فيه على اسمك كنيسة، وها أنا آخذك على السحب، لأدشن بنفسى المكان الذى أقمنا فيه فى مصر، فحملها على السحب ومعه الرسل القديسون، ومعه رؤساء الملائكة
 
 وجاءوا إلى بلادنا إلى منطقة جبل قسقام، حيث الدير المحرق، وفى المغارة الذى أقامت فيها العائلة المقدسة، ستة شهور وعشرة أيام فى جبل قسقام، دشن المسيح هذا المكان، وجعله كنيس
 
 ويروى تقليدنا الكنسى كما جاء فى السنكسار، وكما ورد فى مراجعنا الكنسية القديمة، أن المسيح له المجد دشن الكنيسة بيديه ورش عليها الماء فقدسها، وكان رئيس الملائكة ميخائيل، ممسك بوعاء الماء بيده، وكان رئيس الملائكة غبريال (جبرائيل) يمسك بالوعاء الآخر، والمسيح يبارك من اليمين ومن الشمال، 
 
 
وهكذا تباركت الكنيسة وتدشنت وأقيمت، وصارت المغارة التى أقامت فيها العائلة المقدسة، هى هيكل الكنيسة الأثرية بالدير المحرق، وهكذا فى كل بقعة من بلادنا المصرية، فى سمنود، وحيث كنيسة المعلقة، وكنيسة أبى سرجة، والمطرية، والمعادى، وكنيسة العذراء بجبل الطير بالقرب من سمالوط، التى عُرفت بسيدة الكهف، وفى سائر هذه البلاد والأماكن، التى ذهبت إليها العائلة المقدسة، أُقيمت الكنائس 
 
 
وقامت بهذه الخدمة الجزيلة، الملكة القديسة هيلانة أم الملك قسطنطين، الذى بعد أن أعلن ابنها الديانة المسيحية ديانة رسمية، انتقلت هذه الملكة القديسة فى رحلة طويلة، وفى كل مكان ذهبت إليه العائلة المقدسة فى بلادنا، أقامت هذه الملكة كنيسة، وهكذا تباركت بلادنا بهذه الكنائس الأثرية، المدشنة باسم العذراء مريم، فى كل محطة من محطات العائلة المقدسة ومسيرتها المباركة، 
 
 
فى هذا اليوم المبارك الرابع والعشرين من شهر بشنس، نذكر هذه الرحلة السعيدة، دخول العائلة المقدسة إلى مصر، وبركة ربنا يسوع المسيح لأرضنا، 
 
 وفى هذا اليوم أيضا نذكر الرحلة الجديدة، التى قامت بها العذراء مريم فى سنة 68، فى الثانى من أبريل، حيث ظهرت على الكنيسة المدشنة باسمها فى الزيتون، هذا الظهور الواضح، وهذا التجلى المبارك الذى شهده الجميع، كباراً وصغاراً مسيحيين وغير مسيحيين، مصريين وأجانب، ملايين الملايين من الخلق، رأوا ظهوراً مباركاً يجدد بركة العذراء مريم لهذه البلاد، وينبه إلى أحداث هامة وخطيرة، تزمع أن تحدث فى الشرق الأوسط وفى بلاد العالم بأثره، 
 
ومهما يكن من أمر فهى بركة أخرى جديدة، تباركت بها بلادنا، ونعمة جزيلة نلناها، نحن أبناء هذا العصر وأبناء هذا الجيل، أن نكون مستحقين لهذا التجلى المقدس للعذراء مريم