جدارية الخلاص – بين التجسد والصليب والصعود”
✒️ أيمن فايز – كاتب إيقونة بيزنطي
في عيد الصعود المجيد، عام ٢٠٢٥
أيها الأحباء المتأملين في أسرار الخلاص،
اليوم، حيث تُضيء الكنيسة ببهاء صعود ربنا يسوع المسيح إلى السموات، أُشارككم رؤيةً من جدارية "خلاص الإنسان" التي كتبتها بيدي كمزمارٍ للصلاة. فهي ليست حبرًا وألوانًا، بل صلاة مُجسَّدة، ناطقةٌ بعظائم الله في تدبيره العجيب:
" صَعِدتَ إِلى العُلى وأَسَرتَ أَسْرى وأَخَذتَ البَشَرَ، حَتَّى المُتَمَرِّدينَ، هَدايا لِيَكونَ لِلرَّبِّ الإِلهِ سُكْناه."
(مز 68-19)
الجدارية: إنجيلٌ مرئيٌّ بثلاثة مشاهد
من خلال خبرتي في كتابة الإِيقونات البيزنطية، صمَّمتُ هذه الجدارية لتكون كتابًا مفتوحًا يُقرأ من اليمين إلى اليسار، كسفر الخلاص:
1. الركن الأيمن: سرُّ التجسد
- الطفل الجالس في حضن العذراء: هو " الكَلِمَةُ صارَ بَشَراً" (يو 1: 14).
- الأحمر في ردائه: لاهوته الأزلي.
- الأزرق: بشريتنا التي ارتداها.
- العذراء: "باب السماء" الذي دخل منه الإله ليُقيم في قلوبنا.
2. المركز: نزول الجحيم – ذروة الانتصار
- المسيح لا يُصلب هنا، بل ينتصر!
- يده اليسرى ترفع آدم، واليمنى تحمل الصليب كراية نصر.
- الحجارة المكسورة تحت قدميه: أقفال الموت التي سحقتها القيامة.
- "مُوتًا موتَ الموتِ داسَ" (تسبحة السبت العظيم).
3. الركن الأيسر: الصعود – اكتمال المجد
- المسيح يصعد بجسده المُمجَّد، ليس ليغيب، بل ليكون في كل مكانٍ معنا.
- السحابة: ليست غيمًا ماديًا، بل رمز حضور الملائكة وحجب المجد.
- العذراء في الوسط: أيقونة الكنيسة الواقفة بثقةٍ كقول الملاك: ((أَيُّها الجَليِليُّون..سَيأتي كما رَأَيتُموه ذاهبًا إِلى السَّماء)). (اع 1-)11
🎨 لماذا "أكتب" الإِيقونة ولا أرسمها؟
في مدرسة الفن البيزنطي التي أتلمذتُ فيها:
- الألوان لاهوتٌ ناطق:
- الذهب: نور الله غير المخلوق.
- الأخضر (خلفية النزول إلى الجحيم): انبثاق الحياة من القبر.
- بياض الملائكة: بهاء السماء الجديدة.
- التأليف الأفقي: المشاهد الثلاثة تُقرأ كفصلٍ واحدٍ – اتحاد الإنسان بالله من المذود إلى العرش.
"الإِيقونة عظةٌ بلا كلمات.. وخريطةٌ ترشدنا إلى السماء"
دعوة الصعود اليومية
لا تنظروا إلى الصعود كذكرى مضت، بل كوعدٍ نعيشه الآن:
- هو صعد: ليفتح لنا باب الأبدية.
- ونحن هنا: نرفع قلوبنا معه، كما تقول القداس: "لِتُرْفَعِ القلوب!".
فلنصرخ مع الرسولين:
"يا رَبُّ يَسُوعَ، أَنتَ رَجاؤُنا..
إِلَيكَ نَرفَعُ العَينَينِ حَتّى نَرحَلَ مَعَكَ!"
🕊️ "صَعِدَ إِلَى السَّمَاوَاتِ، وَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ الآب" (قانون الإيمان)