الفيلسوفة إديت شتاين (القديسة تريزا بنديكتا ١٨٩١-١٩٤٢)
راهبة كرملية، شهيدة
الأب جون جبرائيل الدومنيكانيّ
أنهت إديت عملها في شباير عام ١٩٣١. وحاولتْ مجددًا نيل التأهيل للتدريس الحرّ في ڤروتسواڤ وفرَيبور. ولكن بلا جدوى. فكتبت منذ ذلك الحين مؤلفًا في مفاهيم توما الأكويني الأساسية: "القدرة والفعل". ولاحقًا طوّرت هذا البحث ليغدو عملها الرئيس بعنوان: "الكائن المحدود والكائن الأزلي"، وكتبته في دير الكرمليّات في كولونيا. إلّا أنّه لم يُطبَع أثناء حياتها.
وفي سنة ١٩٣٢، نالت منصبًا في معهد تربويّ كاثوليكيّ في مونستر، حيث طوّرت أنثروبولوجيتها، وجمعت ما بين العلم والإيمان، وسعت إلى إيصال هذا الاندماج للآخرين. وخلال حياتها كلّها، أرادت فقط أن تكون "أداة في يد الله". وقالت: «من يأتي إليّ، أريد أن أقوده إليه.»
عام ١٩٣٣، خيّم الظلام على ألمانيا. «سمعتُ سابقًا عن الإجراءات القاسية بحقّ اليهود. لكنّني بدأتُ أفهم فجأةً أنّ الله وضع يده الثقيلة مجدّدًا على شعبه، وأنّ مصير هذا الشعب هو مصيري.» وكان قانون "العرق الآري" النازيّ قد منعها من مواصلة التدريس. «إن لم أستطع الاستمرار هنا، فليس لي مكان في ألمانيا بعد الآن.» وقالت: «لقد أصبحتُ غريبة في هذا العالم».
ولم يمنعها رئيس دير بويرون من دخول دير الكرمليّات. وكانت قد نذرت الفقر والعفّة والطاعة منذ أن كانت في شباير. وفي سنة 1933، قدّمت نفسها لرئيسة دير الكرمليّات في كولونيا. وقالت: «ليس النشاط البشريّ هو الذي يمكنه أن يُعيننا، بل فقط آلام المسيح. إنني أتوق إلى الاشتراك فيها.»
عادت إديت مرة أخرى إلى ڤروتسواڤ لتودّع والدتها وعائلتها. وكان اليوم الأخير لها في بيتها هو ١٢ تشرين الأول/أكتوبر، يوم عيد ميلادها، ويوم عيد المظال اليهودي. ورافقت أمها إلى المعبد اليهوديّ. ولم يكن ذلك اليوم سهلاً على المرأتين. سألتها أمُّها: «لماذا عرفته (يسوع المسيح)؟ لا أريد أن أقول شيئًا ضدّه. لا بدّ أنه كان إنسانًا طيّبًا. ولكن لماذا جعَل من نفسه إلهًا؟" وبكتْ أمُّها.
في صباح الغد، استقلّتْ إديت القطار إلى كولونيا. «لم أستطع أن أدخل في فرح عميق. ما تركته خلفي كان فظيعًا جدًا. لكنني كنت هادئة للغاية – في أعماق إرادة الله.» ومنذ ذلك الحين، بدأتْ تكتب رسالةً أسبوعيّة إلى أمّها، لكنها لم تتلقَّ ردًا. وكانت أختها روز ترسل إليها أخبار البيت.
في ١٤ تشرين الأول/أكتوبر، دخلتْ إديت شتاين دير الكرمليّات في كولونيا. وفي ١٤ نيسان/أبريل ١٩٣٤، احتُفل بمراسم ارتدائها الثوب الرهبانيّ. ترأّس رئيس دير بويرون القداس الإلهي. ومنذ تلك اللحظة، حملت إديت شتاين الاسم الرهباني: الأخت تريزا-بنيديكتا للصليب.
في عام ١٩٣٨، كتبتْ: «تحت الصليب فهمتُ مصير شعب الله، الذي بدأ يتكشّف في ذلك الحين (١٩٣٣). ظننتُ أنّ هذا الشعب يدرك أنّ ما يحدث هو صليب المسيح، وأنّ عليه أن يقبله باسم جميع الشعوب الأخرى. من المؤكّد أنّ اليوم، أنا أعلم أكثر ممّا مضى، ما يعنيه أن نكون عروسًا للربّ في علامة الصليب. لكن مَن يحمل هذا الصليب نيابة عن الشعب؟ هذا لا يمكن تحديده. وحده أولئك الذين يُمنحون الفهم يمكنهم تَحمّله. أما الآخرون فلا يعرفون ماذا يحدث لهم. لكن لا بأس بذلك. حينئذٍ يُحتسب ما يحصل لهم من آلام في ميزان الكنيسة. هذا هو جسد المسيح القائم في العالم كلّه. إنّ الجميع لا يعانون وحدهم، بل هم جزء من جسد المسيح، الذي بواسطته تتحقّق الخلاصات».
في ليلة ٢ إلى ٣ أغسطس ١٩٤٢، وصلتْ الأوامر بترحيل اليهود المهتدين إلى المسيحيّة أيضًا من هولندا. في ٧ أغسطس، اقتاد الجستاپو الأخت تيريزا بنديكتا للصليب وشقيقتها روزا من دير الكرمليّات في إيتن قرب ماستريخت. وفي ٩9 أغسطس، نُقلتا إلى معسكر الإبادة في أوشڤيتس. هناك، قُتِلتا في غرف الغاز مع اليهود.
عام ١٩٩٨، أعلنت الكنيسة الكاثوليكية تطويب الأخت تيريزا -بنديكتا للصليب، إديت شتاين، قدّيسة. وفي عام ١٩٩٩، أعلنها البابا يوحنّا بولس الثاني شفيعة لأوروبا، إلى جانب القديسة بريچيتا السويدية وكاترينة السيانية. كان يرى فيهنّ «نموذجًا للمسيحيات في أوروبا، اللواتي يجمعن بين التأمل والعمل، بين الفكر والمحبّة، بين الحقيقة والحرّيّة، في اتّحاد بالربّ يسوع حتى الموت».
#إديت_شتاين#
ترجمتي عن الفرنسيّة:
https://www.vatican.va/news_services/liturgy/saints/ns_lit_doc_19981011_edith_stein_fr.html?fbclid=IwY2xjawKiUgFleHRuA2FlbQIxMABicmlkETE0ejJEUG1LWDJLd1d4NGttAR5Pi8mT8liA5S1hHtaCPT71XVFjj5Lwn7ihRXcUGr3OHLfDAT8OU-gQqYoxZA_aem_LUXgqGr2-URBE9qq51yfLQ