نجم ساطع متألق في سماء الرهبنة
د.ممدوح حليم
تمر يوم ٨ يونيو من كل عام ذكرى رحيل أب كبير في الرهبنة القبطية خاصة والرهبنة عالميا بصفة عامة هو الأب متى المسكين.
إن الدارس لتاريخ الرهبنة عبر العصور وما أفرزته من شخصيات لا يجد صعوبة في إدراك أن الأب متى المسكين أحد نجومها الكبار وعلامة بارزة لا يمكن تخطيها . لقد صنع مكانته التي لا جدال حولها بإنجازات باهرة على المستوى الشخصي والديري والفكري بما لم يحققه آخرون، الأمر الذي لا ينافسه فيه كثيرون.
قضى حياته الرهبانية عبر ٥٨ عاما ( ١٩٤٨ --- ٢٠٠٦) بصورة جادة ، حياة لا تعرف سوى الصلاة والتأمل والقراءة والكتابة، دون إضاعة الوقت في غير ذلك ، ثقف نفسه بنفسه ، أجاد اللغتين الانجليزيه واليونانية بمجهودات ذاتية ، فكانت مؤلفاته المتعددة مميزة وجديدة وعميقة. لم يدرس اللاهوت والعلوم المسيحية إلا عبر مغارات الصحراء وقلالي (حجرات) الأديرة.
قام بتأليف عدد كبير من الكتب بعضها صغير ومتوسط الحجم ، وبعض مؤلفاته كبير الحجم يرقى لأن يوضع على رفوف مكتبات كبرى كليات اللاهوت والجامعات العالمية المرموقة ، وربما تجاوز عدد كتبه المائة . ولم يحدث عبر تاريخ الرهبنة أن قام راهب بتأليف هذا العدد من الكتب . إن الاب متى المسكين نقلة نوعية في تاريخ الفكر في الرهبنة فقد ألف كتبا وواصل التأليف حتى نهاية حياته. ربما كتب قبله رهبان عددا محدودا للغاية من الكتب. أما هو فهو الاول من الرهبان من حيث عدد الكتب وحجمها وعمقها.
تميزت كتبه بالتوثيق المرجعي خاصة تفاسيره للكتاب المقدس ، إذ يذكر مراجعه لكل فكرة وهي في الغالب لعلماء انجليز والمان وامريكان.
وهو أول من انفتح على فكر آباء الكنيسة واقطاب رهبنتها بصفة خاصة في أول مؤلفاته الذي حقق له الشهرة واسعة وهو كتاب حياة الصلاة الأرثوذكسية ، الذي يعد نقلة نوعية في تاريخ الفكر الرهباني، وانطلاقة جديدة في تحرير الكتب.