الأب جون جبرائيل الدومنيكانيّ
في لحظة تبدو محمّلة بالرموز، التقى البطريرك برتلماوس الأول (بطريرك القسطنطينية المسكونيّ) بالبابا لاون الرابع عشر في الڤاتيكان، في بداية حبرية البابا الجديد. لقاءٌ وديّ وأخويّ – كما وصفه البيان الرسميّ – جرى فيه التأكيد على الحوار اللاهوتيّ بين الكنيستين الكاثوليكية والأرثوذكسية، والسعي المشترك من أجل السلام والعدالة البيئية.

لكن النقطة الأكثر إثارة للتأمل، بل وربما للتفكير العميق، هي إعلان البابا لاون عن رغبته في زيارة تركيا هذا العام لإحياء الذكرى الـ1700 لمجمع نيقية (٣٢٥ م).

هل نحن أمام لحظة "رمزية جديدة" تعيد تشكيل الذاكرة المسيحية الجمعية؟ أم أنّ هذه المبادرات المسكونية تظلّ عاجزة عن الاقتراب الجاد من جراح الانقسام على المستوى الشعبيّ؟

نيقية لم يكن مجرّد مجمع لاهوتي فقط، بل كان حدثًا كنسيًّا ومجتمعيًّا له بعده الإمبراطوري والسلطوي، وفيه ثبّتت مفاهيم جوهرية مثل "الابن واحد مع الآب في الجوهر"، ولكنّه أيضًا أطلق دينامية من التنازعات العقيدية والصراعات الكنسية الممتدة. فهل إحياء ذكرى نيقية اليوم هو تذكير بالوحدة، أم استدعاء لظلّ التاريخ؟

كما يطرح اللقاء سؤالاً آخر لا يقلّ أهمية:
هل إيمان المسيحيين العميق بوحدانية الله أصبح يغيب علاقتهم بالثالوث عمليًّا؟
وهل لم نزل، حتّى في أرفع مستويات الحوار بين الكنائس، نتردّد في أن نُصغي معًا لصوت الروح القدس الذي وحده يستطيع أن يجمع ما مزّقته السياسة، والتاريخ، والمصالح؟

في زمن يتهدّد فيه حضور المسيحيين في المشرق، ويتآكل فيه معنى الكنيسة الجامعة داخل الشرق، تظلّ اللقاءات المسكونية فرصة... لكن قيمتها الحقيقية تتوقف على جرأتها في مواجهة الأسئلة الجوهريّة: عن السلطة والخلاف والتقليد والحق في الاختلاف.

نيقية الجديدة لن تُبنى على صور المجاملة،
بل على الاعتراف المتبادل بالضعف، وعلى شجاعة التوبة المشتركة.
الأب جون جبرائيل الدومنيكانيّ
اقرأ الخبر:
https://www.vaticannews.va/ar/pope/news/2025-05/udienza-papa-patriarca-bartolomeo.html?fbclid=IwY2xjawKaVBRleHRuA2FlbQIxMABicmlkETFFNTEyVTlUdlRnTmVSWnFPAR7xWyMEYcY05YHR7s5jqrWdo_D_oS6qCv7g2ZkcIRjkwh5TpJ5OS2q9XLglIA_aem_zFLU76USjE4xg_drWQA6eA