بقلم د.ق يسطس الأورشليمى
كتاب وباحث في التاريخ المسيحى والتراث المصرى
وعضو إتحاد كتاب مصر


    وقد تم وضع هذا الحساب في القرن الثالث الميلادي ، بواسطة الفلكي المصري "بطليموس الفرماوي" (من بلدة فرما بين بورسعيد والعريش) وهو صاحب كتاب "المجسطي". في عهد البابا "ديميتريوس الكرام" (البابا البطريرك رقم 12 بين عامي 189 – 232 م).  وقد نُسِب هذا الحساب للأب البطريرك ، فدُعِيَ "حساب الكرمة".. هو بخصوص تحديد موعد عيد القيامة.

     وقد قام الفلكى بطليموس المصري بعمل حساب بناء على ما جاء في كتاب الدسقولية الباب الحادي والثلاثين:
أ‌- في مقدمة الباب: وواجبنا نحن معشر المسيحيين أن نستقصى لأجل يوم الفصح كي لا نصنعه في غير الأسبوع الذي يقع فيه اليوم الرابع عشر من الهلال ويوافق شهر نيسان.

ب‌- وجاء في أول الباب المذكور : (يجب عليكم يا إخوتنا الذين اشتريتم بالدم الكريم الذي للمسيح ، أن تعلموا يوم الفصح بكل استقصاء واهتمام عظيم من بعد طعام الفطير ، الذي يكون في زمان الاعتدال (الربيعي) الذي هو خمسة وعشرون من برمهات، وألا يعمل هذا العيد ، الذي هو تذكار آلام الواحد دفعتين في السنة ، بل دفعة واحدة للذي مات عنا دفعة واحدة . ، واحذروا من أن تُعيّدوا مع اليهود ؛ لأنه ليست لكم الآن معهم شركة. لأنَّهم ضلوا ، وأخطأوا ، وزلُّوا هؤلاء الذين ظنوا أنهم تكلموا بالحق ، فصاروا ضالين في كل زمان ، وابتعدوا عن الحق. أمَّا أنتم فتحفظوا باستقصاء من عيد اليهود ، الذي فيه طعام الفطير ، الذي يكون في زمن الربيع ، الذي هو خمسة وعشرون من برمهات ، هذا الذي يحفظ إلى واحد وعشرين يومًا من الهلال ، حتى لا يكون أربعة عشر من الهلال في أسبوع آخر غير الأسبوع الذي تعلمون فيه الفصح ، فتصبحون تصنعون الفصح دفعتين في السنة بقلة المعرفة. أما عيد القيامة الذي لربنا ومخلصنا يسوع المسيح ، فلا تصنعوه في يوم من الأيام البتة ؛ إلا يوم الأحد. وصوموا في أيام الفصح وابتدئوا من يوم الإثنين ، إلى يوم الجمعة والسبت وهي ستة أيام... إلخ.)

     بدأ الخلاف بخصوص تحديد يوم عيد القيامه بين اسيا الصغرى وبين روما عندما اعلن بوليكربوس أسقف أزمير,ضرورة الإحتفال بذكرى الصلب فى يوم 14 نيسان والقيامه فى 16 نيسان (التاريخان اللذان تمت فيهما وهما الصلب والقيامه) .

أما كنيستنا القبطيه,فكانت تعتبر الأهميه فى المحافظه على الأيام عينها من الإسبوع اى يومى( الأربعاء والجمعه ) التى تمت فيها هذه الحوادث الجليله,لا فى موعدها من الشهر العبرى .وكثيرا ما جاء 14 ? 16 نيسان العبرى فى غير هذين اليومين وكان اساقفة روما وأورشليم وأنطاكيه يسيرون بحسب هذه القاعده عينها0على ان هذا الخلاف الطفيف لم يكن ليكدر سلام الكنيسه0فكان نيشيوس أسقف روما يقدم بوليكربوس ليقدس القربان .واخيرا .حاول الأنبا ديمتريوس الكرام التوفيق بين الفريقين فعمل على ان يعيد المسيحيون بذكرى الصلب فى يوم الجمعه والقيامه فى يوم الأحد على ان يرتبط هذين اليومين بيومى 14 ?16 نيسان.فجمع لذلك علماء الإسكندريه الفلكيين وكان بينهم بطليموس الفلكى الفرماوى وقالوا :" ان يكون عيد الفصح المسيحى فى الأحد التالى لعيد فصح اليهود مباشرة"

وبالرغم من الوصول لهذا الحل إلا ان الخلاف تبقى إلى ان فصل فيه مجمع نيقيه المسكونى0

     وهذا حساب الأبقطى يحدد موعد الإحتفال بعيد القيامة المسيحي ، بحيث يكون موحداً في جميع أنحاء العالم.  وبالفعل وافق على العمل به جميع أساقفة روما وأنطاكية وأورشليم في ذلك الوقت ، بناء على ما كتبه لهم البابا ديميتريوس الكرام في هذا الشأن. ولم عُقِدَ مجمع نيقية عام 325 م أقرَّ هذا الترتيب ، والتزمت به جميع الكنائس المسيحية حتى عام 1528 م

       فقد حدد حساب الإبقطي الفصح المسيحى في يوم الاحد التالى للفصح اليهودى وكتب البابا ديميتريوس الكرام لروما وانطاكية وأشليم موضح لهم كيفية استخراج الحساب وان يجب ان يكون الفصح المسيحي بعد الفصح اليهودى لان السيد المسيح عمل الفصح مع الاسرئليين في اليوم 14 من نسيان ثم تالم بعد ذلك وكلمة الأبقطي هي كلمة معربة من الكلمة اليونانية αποκτώ ومعناها "الباقي" أو "الفاضل"، وقد دخلت كلمة tapokth إلى القبطية بنفس المعنى وتعني فاضل الشمس وفاضل القمر.وحساب الأبقطي هو عبارة عن حسابات تُجْرَى للوصول إلى موعد فصح اليهود وبالتالي موعد عيد القيامة وما يسبقه من أصوام وما يلحقه من الخماسين وبعض الأعياد، ولأن الباقي أو الفاضل من العمليات الحسابية يؤخذ به في خطوات العمليات الحسابية لذلك أشتهر الحساب باسم حساب الأبقطي أو الفاضل أو الباقي.

للاحتفال بعيد القيامه يجب موافقاً للشروط التالية
1- أن يكون يوم أحد..  لأنَّ قيامة الرب كانت  يوم أحد.
2- أن يأتي بعد الاعتدال الربيعي (21 مارس).
3- أن يكون بعد فصح اليهود..  لأنَّ القيامة جاءت بعد الفصح اليهودي..

      وحيث أنَّ الفصح يكون في يوم 14 من الشهر العبري الأول من السنة العبرية (القمرية)..  فلابد أن يأتي الاحتفال بعيد القيامة ، بعد اكتمال القمر في النصف الثاني من الشهر العبرى القمري..

     وأيضاً لأنَّ الفصح اليهودي مرتبط بالحصاد ، عملاً بقول الرَّب لموسى النبي في (سفر اللاويين 4:2-12) ، والحصاد عند اليهود دائماً يقع بين شهري إبريل في السنوات البسيطة  ومايو في السنوات الكبيسة، (وهي شهور شمسية).لأن عدد الأيام الشهر في السنة العبرية ثلاثين يوم  في الاثنى عشر شهر في السنوات البسيطة إما في السنوات الكبيسة يضاف شهر أخر أسمة أذار الثانى

       لذلك كان المطلوب عمل دورة ، هي مزيج من الدورة الشمسية والدورة القمرية ، ليقع عيد القيامه بين شهري ابريل ومايو..  ؛ فلا يقع قبل الأسبوع الأول من أبريل ، أو يتأخر عن الأسبوع الأول من شهر مايو.  

       وعلى هذا فإنَّ عيد القيامة بحساب الإبقطي لا يأتي قبل الاعتدال الربيعي ، الذي هو 21 مارس كما أوضحنا بعاليه ، وطبقاً لهذا الحساب لا يأتي عيد القيامة قبل 4 إبريل ولا بعد 8 مايو..  

       ثم يأتي عيد شم النسيم تالياً له..  ، وقد استمر موعد الاحتفال بعيد القيامة موحداً عند جميع الطوائف المسيحية في العالم ، طبقاً لهذا الحساب القبطي ، حتى عام 1582 م

      إذن ، فالغرض من حساب الأبقطي ، هو تحديد يوم عيد القيامة تبعاً للفصح اليهودي ، وعليه يمكن تحديد الأعياد التالية له.

مجمع نيقية وموعد عيد القيامة :
اجتمع المجمع المقدس المسكوني الأول في نيقية بيثينية في سنة 325م على قسطنطين الكبير ومن أشهر الآباء الذين حضروه:"ألكسندروس"بطريرك الأسكندرية ، ومعه القديس "أثناسيوس" الكبير ، وألكسندروس أسقف القسطنطينية ، وأوسيوس أسقف قرطبة (أسبانيا) ، والكاهنان "ثيتون وفكنديوس" مندوبا "سلفستر" بابا روما، وأفسطاثيوس بطريرك أنطاكية ، و"مكاريوس" أسقف أورشليم...ـ، ـوكان عدد أباء هذا المجمع حسب ما وصل إلينا في تقليد الكنيسة ثلاثمائه وثمانية عشر أسقفًا عدا عدد وافر من القسوس والشمامسة ، أتوا من كل الكنائس في أوروبا وأفريقية وآسيا.

تحديد عيد القيامة :
-    تقرر أن يكون العيد في موعد واحد هو يوم الأحد الذي يلى فصح اليهود ، وذلك أنه لا يجوز أن يسبق المرموز إليه (عيد القيامة) الرمز (عيد الفصح اليهودى) فضلا عن أن يسوع نفسه قد أكل الفصح مع تلاميذه قبل صلبه .  
-     كما قرر المجمع أن يقوم بابا الإسكندرية بإعلان جميع الأساقفة سنويا عن موعد عيد القيامة ، ولعل هذا راجع إلى أن الإسكندرية كانت يومئذ مركز العلوم الفلكية .