القمص رويس الجاولى
لو تخيلنا مدينة مصرية قائمة من العصر القبطى، لوجدناها تشبه فى تخطيطها المدن المصرية القديمة . ففي الصعيد حيث يندر المطر كانت البيوت تبنى من اللبن كمدينة "هابو" غربي الأقصر ، وفي الوجه البحرى كانت البيوت تبنى من الطوب الأحمر أو الحجر الجيرى كما عرفناها من مدينة أبا مينا ( القديس مينا ) بالصحراء الغربية قرب الأسكندرية.

وكانت للبيوت أبواب خشبية كبيرة كما نراه في الريف المصرى الآن . ولها مزلاج من الخشب معروف إلى اليوم ، وكانت للبيوت أسقف مرتفعة ، ولها واجهات منمقة بحجارة منقوشة مزخرفة بأوراق العنب عادة.

وكانت بها كنائس كالتي عثر على بقاياها في مدن أبا مينا ومصر القديمة وباويط والبهنسا وإسنا وطيبة وسقارة وأسوان وسوهاج والواحات الخارجة ، وتتكون من قاعات فسيحة بها صفوف من أعمدة رخامية مستديرة أو مضلعة ذات رءوس منقوشة بأبدع النقوش والألوان الثابتة الزاهية . ويكون هيكلها مفصولا عن القاعة بحجاب مصنوع من الخشب المنقوش أو المعشق ، على أشكال هندسية مختلفة ومحلى بصور القديسين وأشكال مختلفة للصليب . وبعض رقائقه من العاج ، كما نجد ذلك في كنيسة أبي سرجة في مصر القديمة . وفي الناحية الشرقية من الكنيسة حنية أي تجويف في الحائط.

والكنيسة تكون أحياناً مستطيلة كالشكل المعروف بالطراز البازليكي ويذهب البعض إلى أن تصميمه دخيل على الأقباط ، وواقع الأمر أنه مصرى صميم نجده أول الأمر في قاعة الاحتفالات بمعبد الكرنك التي شيدها تحتمس الثالث حوالي سنة ١٤٠٠ ق . م . وتكون الكنائس أحيانا أخرى ذات قباب بحيطان مطلية من الداخل بطبقة من الجبس مرسوم عليها صور للسيد المسيح والقديسين أو مزخرفة بزخارف مثبتة من الجبس أو الحجر في بواطن عقودها وفوق أعمدتها وفوق الأركان المخصصة لصور القديسين.

وإذا كانت المدينة قريبة من الصحراء مثل مدينة أبو مينا أو مثل الواحات الخارجة أو أحد الأديرة الصحراوية ، حفروا لها الآبار والسواقي أو خزنوا مياه الأمطار في مخازن تشبه كثيراً هذه الآبار التي نجدها في الصحراء الآن والتي يسميها البعض آباراً رومانية ، وواقع الأمر أن الفراعنة قد عرفوها قبل الرومان آلاف السنين . وكانت أدوات النجارة وأدوات الحقل تشبه تلك التي نشاهدها الآن عند النجارين الذين يصنعون السواقي الخشبية . ونجد صوامع للغلال ، ومصانع للهدايا التذكارية تشبه إلى حد كبير المصانع التي نجدها الآن في خان الخليلي أو في أسيوط .

المصدر كتاب "حضارة مصر فى العصر القبطى" تأليف مراد كامل.