الاب جون جبرائيل  
من كام سنة، أستاذتي المصرية اللي عايشة في ألمانيا كانت مشغولة. ليه؟ كانت بتساعد -كمترجمة متطوعة– أسرة مهاجرة عربية.
البنت عندها ٢٥ سنة، طلبت منها توديها للدكتور. الدكتور سألها:
 
– مالك؟ إيه الكدمات دي؟
قالت له: وقعت من على السلم، واتكحرت فه دي خبطات جسمي عالسلالم.
 
كشف عليها، وبعد دقايق كتب تقرير طبي. لكن ما وقفش هنا. قال للأستاذة:
– البنت دي متعرضة للضرب بجسم صلب، غالبًا عصا خشبية مستطيلة، وده ظاهر من شكل الكدمات. حاولت تدافع عن نفسها بإيديها، فعشان كده متعورة في المواضع دي ودي.
 
وهو بيكتب التقرير، كان بالفعل بعت بلاغ للشرطة.

الشرطة وصلت بسرعة، وسلمها التقرير. البنت اعترفت:
– أبوها عصبي، بيمد إيده، وأمها مش قادرة تحميها.
الشرطة قبضت على الأب، ومنعت اقترابه من أسرته، ونقلته لمدينة تانية. اتفرض عليه حضور جلسات علاج نفسي، ولو حاول يشوف مراته أو بنته من غير إذنهم، هيتطرد نهائيًّا من ألمانيا إلى بلده الأصليّ.
لما الدولة بمنظومتها وقوانينها تحترم حياة إنسان مش بس بتدين الضرب... بتتعامل مع العنف كبنية، مش كحادثة.
أما أنتَ وانتِ لو قررت تحصر المشكلة كلها في "الطلاق حلال ولا حرام؟"، فأنت مش بتتكلم عن الضحية، أنت بتتكلم من فوقها، وبتستغل دمها في معركة مش معركتها.
 
اللي بيخلّي العنف المنزلي مستمر مش غياب الطلاق وحده.
 
اللي بيخلّيه مستمر هوغياب منظومة تحمي الضحية، وتردع المعتدي، وتكسر دائرة الصمت.
 
في المجتمعات اللي فيها أجهزة تحترم الإنسان، ماينفعش البنت تقول "وقعت من السلم" والدكتور يسكت. فيه تدريب، فيه علم، فيه شجاعة مهنية. الدكتور أو الكاهن أو موظف الدولة... هو شاهد، ومسؤول، وفاعل. صمته جريمة وتواطوء.
 
استغلال قصة الضحية الأخيرة لمجرّد فتح ملف الطلاق من غير أي ذكر للعنف المنزلي، ده مش حوار، دي أيديولوجيا، واستغلال رخيص لجسد مكسور ولسكات موجوع.
 
الناس اللي بتركّز على موضوع "الطلاق" فقط كأنه هو اللي بيولد العنف، بينسوا أو بيتناسوا إن في بيئة كاملة بتسوّغ العنف، بتخفيه، وبتشرعنه، سواء باسم الدين أو التقاليد.
 
وبالمناسبة، حسب الجرايد، الراجل اللي قتل الأم "منال" اتحكم عليه بـ٧ سنين بس.
 
سبع سنين على جريمة قتل... يا بلاش.
 
الحكم على قاتل السيدة منال بـ٧ سنين فقط يُظهر إزاي لسه فيه خلل جوهري في فهمنا للقيمة الفعلية لحياة المرأة.