بروفيسور دكتور طلعت مليك
الوعد برفع العقوبات عن سوريا ـ هو وَعد ـ وليس نقطة تنفيذية بعد ـ وهو مشروط بالحفاظ ، بل وحماية التنوع العرقي البشري الموجود في سوريا ـ وعدم تعالي أحد على الأخر أو فرض طريقة عيش معينة على الناس هناك ـ والنقطة الثانية ـ هي استفادة شركات الغاز والبترول الأمريكية مِن رصيد الغاز والبترول الموجود في سوريا ـ ونقطة أخرى وربما هي الأهم ـ هي ضم سوريا للاتفاقية الإبراهيمية التي تتخلص في الاعتراف بالدولة العبرية، والتعاون معها في كل المجالات ـ كباقي دويلات عربان الخليج ـ وكذلك لكي تنضم سوريا معهم هذا الاتفاقية التي قد بدأت بين اسر ائيل وعربان البحرين والإمارات العربانية ـ ثم انضم إليها بعد ذلك كل من المغرب والسودان ـ وهي تتلخص في سلام دائم و في شراكة استراتيجية بينهم في شتى مجالات الحياة!
اصدقائ: وفي هذا الوعد ـ برفع العقوبات ـ هو السماح لبعض العرقيات وليست كلها ـ تلك التي تنتمي لسوريا ـ والموجودين في خارج سوريا بتحويل أموالها عبر المسارات القانونية للداخل السوري!
مع ملاحظة ـ أن أموال الجهاديين الإسلاميين وأموال كبار النظام السابق في سوريا ـ سيستمر تفعيل العقوبات عليهم ـ ولا يمكنهم تحويل أموالهم للداخل السوري!
وطبعاً ـ فإن وعد الرئيس ترامب لم يدخل بعد حيز التنفيذ ـ بالإضافة أنه يحتاج مراقبة شديدة ، ولذلك لتنفيذ بنود الشروط التي من أجلها قد سبقت هذا الوعد ـ وأيضاً ـ والملاحظ هو : ان الرئيس ترامب، وبالأحرى إدارته قد اتخذت كل الاحتياطيات اللازمة قبل النطق بهذا الوعد على لسان ترامب ـ وهي تعطي للرئيس ترامب، بالرجوع عن هذا الوعد في أي وقت شاء في حالة عدم تنفيذ الشروط على أرض الواقع كما يجب! والنقطة الأخيرة ـ ان هذا الوعد أيضاً ـ يحتاج موافقة من نواب الكونجرس الأمريكي ـ وهذه الموافقة قد تحتاج بعض الوقت ـ وبالطبع هي لم تتم بعد ـ وحيث أن النواب الديمقراطيين ومعهم عدد ما مِن النواب الجمهوريين في الكونجرس الأمريكي، لا يرغبون في رفع العقوبات على سوريا ـ بل يريدون استمرارها وتمديدها ووضع سوريا تحت العقوبات بل وتشديدها!
أصدقائي : نرى أن زيارة ترامب ـ للمنطقة، هي زيارة لتعزير استثمار أموال عربان الخليج في الولايات المتحدة ـ في مجالات كثيرة ـ وهي بالطبع بمئات المليارات من الدولارات ـ وهذه النقطة هي الأهم والتي بالطبع يسعى إليها الرئيس ترامب ـ وذلك في تشغيل المصانع والشركات التي كانت قد تعطلت بسبب وباء كوفيد، ثم تم إغلاقها تقريباً، بعد نشوب الحرب الروسية الأوكرانية ـ التي تسببت في ارتفاع سعر مواد الطاقة من كهرباء وغاز وبترول.. الخ
توجد خلف هذا الانتعاش الاقتصادي مصالح خفية لبعض الدول المؤثرة في المنطقة، وأبرزها تركيا والمملكة العربية السعودية.
أصدقائي ـ وما يجب أن نعرفه ـ هو للأسف ، إن سوريا، التي نتحدث عنها الآن لم يعرفها جيل كامل من السوريين. فقد فرضت الولايات المتحدة العقوبات الأولى على سوريا، في عام 1979 عندما اعتبرت نظام حافظ الأسد (والد بشار) "دولة راعية للإرهاب". والآن يسجل الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ولايته الثانية ـ ربما صفحة جديدة في تاريخ سوريا بإعلانه خلال زيارته إلى المملكة العربية السعودية الثلاثاء رفع القيود الاقتصادية والمالية عنها. ويستطيع العالم الآن أن يعمل مع دمشق مرة أخرى. وقد تكون هذه النقطة السياسية المهمة في رحلة ترامب هذا الأسبوع الجاري ـ مع ملاحظة أن الرئيس ترامب قد نجا بنفسه بعيداً عن بقية مشاكل الشرق الأوسط ـ ولم يتطرق لها ـ بصرف النظر عما يقوله العربان بأنه قد ناقش مسائل الشرق الأوسط معهم سراً في صالات مغلقة، وبعيداً عن الميديا ـ وهذه محاولة من عربان الخليج ـ بأنهم مازالوا يهتمون فعلياً بمشاكل الشرق الأوسط ولكن للأسف دون اثبات واثقي لذلك ـ وخاصة وإن المعروف، أن الرئيس ترامب، قد لا يعرف دهاء السياسة ـ بل ويتحدث بصورة صريحة ولا يخفي الكثير ـ وما رأسه نجده على لسانه ـ لذلك قد قال هو بنفسه ـ أني قد جئت للمنطقة من أجل جذب رؤوس الأموال لأمريكا لكي تكون دائماً "أمريكا أولاً"
لا شئ مجاني لسوريا:
فإن المعروف أيضاً أصدقائي: ان سوريا تتمتع بموقع ذات أهمية إقليمية كبيرة ـ ولكن وراء هذا العمل الإنساني الذي يتلخص في رفع العقوبات ـ توجد مصالح تختبئ وراء هذه الضجة و هذا الإعلان ـ وأصحاب هذه المصالح هم كثيرون ـ ولكن في المقدمة نجد منهم : عربان السعودية والرئيس التركي أورد غان ـ حيث أن الاثنين، أي عربان المملكة السعودية والحكومة التركية ومعهم دويلة من دويلات الخليج ـ قد اصروا جميعاً بل وتقريباً أجبروا ترامب مقابل المال بأن يتخذ هذه الخطوة لسوريا ـ
أصدقائي : ففي هذا الوعد ، الذي سوف يمنح لعربان المملكة السعودية وتركيا وربما بعيدا عن نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية فيما بعد ، القبضة بل التحكم السياسي والاقتصادي والحياتي لسوريا وشعبها ـ وبالطبع ـ فإن من يتحكم في هذه الأمور السياسية والاقتصادية والحياتية في سوريا ـ فإنه يملك قبضة ومسيرة سوريا لعقود قادمة و طويلة من الزمن ـ وهذا ما كانت تسعى إليه إدارة بن سلمان السعودية ـ والتي عملت على الإطاحة بنظام الأسد ـ ووضع محله شخص يقوم بدور الرئيس الانتقالي الإسلامي وهو العضو السابق في فرع تنظيم القاعدة في سوريا ـ وقد نجحت السعودية في ذلك!
وأيضاً ـ هذا نجاح مهم لتركيا ـ في سوريا هذا البلد الذي يعيش أكثر من 90 ٪ من سكانه تحت خط الفقر ـ ومن المعروف ـ بأن لتركيا لها شركات غاز وبترول موجودة في شمال سوريا وتقوم بتوريد هذه المنتجات للغرب ـ وهذه الشركات قد باشرت عملها في الشمال السوري منذ أكثر من 14 سنة ـ وبرأس مال استثماري وبحسب الاحصائيات الاقتصادية المعلنة ـ فإنها استثمارات لشركات تركية ومعها شركات أجنبية، و قد تزيد على 500 مليار دولار ـ في هذا البلد السوري الفقير ـ
أصدقائي ـ اما على المشهد العالمي ـ فإن ما يدور حالياً ـ هو محاولة استكمال المحادثات الروسية ـ الأوكرانية ـ تلك المزمع عقدها اليوم وغداً في تركيا ـ فقد وصل الرئيس زيلينسكي بالفعل صباح اليوم لتركيا ـ وعندما تقابل مع الرئيس اوردغان الذي كان في استقباله ـ أراد زيلينسكي، أن يضع الكرة في ملعب روسيا ـ بقوله ـ أنا أنتظر بوتين، هنا، وقد جئت خصيصاً لكي اتحدث معه ـ وبالطبع الرئيس بوتين، لم يأتي ولن يأتي اليوم لتركيا ولن يتقابل مع زيلينسكي ـ والمسألة بكل بساطة ، هي ان الرئيس الروسي بوتين ، لا يعترف بشرعية الرئيس زيلينسكي، ذاك الرئيس الأوكرني ،الذي لم تتم إعادة انتخابه منذ انتهاء ولايته في ١٥ مايو من العام الماضي ـ وقد قال المتحدث الرسمي باسم بوتين ـ ان زيلينسكي رئيس غير شرعي ـ وبالتالي بحسب القانون الدبلوماسي الدولي ـ لا يمكن عقد اتفاقيات مع رئيس غير شرعي ـ ولكن مازال زيلينسكي ـ ينتظر في تركيا ـ محاطاً بميديا ماكرون وميديا ألمانية ـ مع ملاحظة ان الطقس، اليوم جميل في على شاطئ البوسفور والسماء زرقاء صافية ـ وربما هذا هو الجانب الإيجابي في رحلة زيلينسكي أي التمتع بطقس اليوم الجميل في تركيا.





