ياسر أيوب
رغم كل ما حققه الطب من تقدم واكتشاف الكثير من أسرار الجسد وتفاصيله ووظائفه وأمراضه .. لا يزال هناك كثيرون أسرى لما قاله أرسطو قبل ٢٣٠٠ سنة حين أكد أن القلب هو العضو الأهم فى جسد الإنسان والمسؤول عن الذكاء والإحساس والمشاعر .. وبقى هؤلاء حتى الآن يشيرون إلى القلب عند الحديث عن الحب والوجع والفرح والحزن والأمان والخوف.. ساعدتهم على ذلك أغان وأشعار وكتابات ربطت بين القلب والحب.. وبعد نجاح الدكتور كريستيان بارنارد فى إجراء أول جراحة لنقل قلب من إنسان إلى آخر فى جنوب إفريقيا ١٩٦٧ .
كان من المتوقع أن يدرك الناس ويقتنعوا بأن قلوبهم لا تملك ذاكرة ومشاعر ولا تعرف الحب أو الكراهية .. فالإنسان مع قلب جديد لن يحب من كان يحبهم صاحب القلب الأصلى ولن يتشابه الاثنان فى المشاعر والأحاسيس رغم نفس القلب .. وأصبح هناك حاليًا قرابة ٤٠٠٠ شخص يحتاجون كل سنة لزرع قلوب جديدة فى أجسادهم .. وهؤلاء بإمكانهم بدء المشى بعد ٤ أسابيع عقب الجراحة لكنهم لن يمارسوا حياتهم الطبيعية قبل سنة مع بعض المحاذير والممنوعات .. وبالتأكيد هناك استثناءات حيث الطب لا يعرف مثل هذه القواعد الصارمة كالهندسة والحساب .
وأصبح الأسترالى كاميرون بوتشر هو أحد أهم وأشهر تلك الاستثناءات .. فمنذ خمس سنوات فقط .. كان كاميرون بطلا للدراجات بدأ يشعر بالإجهاد المزمن والحمى المتكررة وأكد أطباؤه أنه لا يعانى من أى مرض أو خلل .. وعاد كاميرون لمواصلة رياضته وسباقاته لكن لم تختف الأعراض والشكوى .. وقال له أحد أطبائه إنه مصاب بحمى الغدد التى يسببها فيروس إيبشتاين بار وهو المرض الذى اشتهر باسم حمى القبلات لأن هذا الفيروس ينتقل باللعاب من إنسان لآخر .. وبعد دوام الشكوى ومحاولات للعلاج طيلة سنتين .. اكتشف الأطباء فى ٢٠٢٢ أن مشكلة كاميرون الحقيقية هى القلب .
واستطاع كاميرون مع استخدام جهاز منظم لضربات القلب مواصلة لعبته والمشاركة فى بطولاتها حتى العام الماضى حين أكد الأطباء أنه يحتاج قلبا جديدًا .. وبالفعل أجرى كاميرون جراحة زراعة القلب فى مستشفى سانت فينسنت فى مدينة ملبورن فى نوفمبر الماضى .. وتخيل الذين حوله أنه بعد امتلاك قلب جديد لن يعود لنفس رياضة سباقات الدراجات التى تتطلب جهدًا هائلًا .. أو ممكن أن يعود إليها هاويًا دون سباقات وبطولات .. لكن المفاجأة أن كاميرون بقلبه الجديد رفض الاستسلام لهذا الواقع وأصر على العودة لدراجته ينافس بها الآخرين .. والمفاجأة الأكبر كانت فوز كاميرون مؤخرًا بسباق صعب وأيضا بطولة للثلاثى .. وكانت حكاية رأتها صحافة العالم حولنا انتصارًا للحياة ولأصحاب القلوب المتعبة أو الجديدة أيضا.
نقلا عن المصرى اليوم