بقلم: جيهان عطا 
‏ أعلن الفاتيكان يوم 8 مايو 2025 عن انتخاب الكاردينال الأمريكي "روبرت فرانسيس ‏بريفوست" بابا جديدًا للكنيسة، متخذًا اسم "ليو الرابع عشر"  وهو حدث غير مسبوق ‏فى تاريخ الكنيسة الكاثوليكية الممتد لأكثر من ألفى عام،هذا الحدث، الذي يُعد الأول من ‏نوعه بتولي أمريكي للكرسي الرسولي، يشكّل لحظة فارقة ذات أبعاد دينية، سياسية، ‏وثقافية تعكس تحوّلًا في وجه الكنيسة الكاثوليكية في القرن الحادي والعشرين‎.‎
 
صعود الدخان الأبيض: إعلان يحمل أبعادًا روحية
تبدأ عملية اختيار البابا بإعلان شغور المنصب، وتنتهي بصعود "الدخان الأبيض" من ‏مدخنة كنيسة سيستينا، إيذانًا بانتخاب بابا جديد. ووفقًا للعقيدة الكاثوليكية، يُنظر إلى هذا ‏الحدث كفعل من أفعال الروح القدس الذي يُلهم الكرادلة لإختيار من هو أنسب لقيادة ‏الكنيسة في زمانها الحاضر‎.‎
 
إن اختيار بابا من الولايات المتحدة، الدولة التي لم يشغل أحد مواطنيها هذا المنصب من ‏قبل، يعد إشارة إلى سعي الكنيسة لتوسيع آفاقها والإنفتاح أكثر على العالم المتغير‎.‎نهج ‏توازني واستمرارية لرسالة الرحمة
 
البابا الجديد يُعرف بقربه من البابا الراحل فرنسيس الذي كان رمزًا للتجديد والانفتاح ‏على قضايا مثل البيئة، الفقراء، والحوار بين الأديان. ويُتوقع أن يستمر البابا الجديد على ‏ذات النهج، ولكن برؤية وسطية قد تجمع بين التيارات المحافظة والإصلاحية، مما يسهم ‏في تخفيف حدة الانقسامات داخل الكنيسة‎.‎
دعوة لوحدة المسيحيين
‏ يحمل انتخاب بابا أمريكي رمزية خاصة قد تشجع على توسيع الحوار المسكوني، ‏وتعزيز روح الوحدة التي دعا إليها المسيح في قوله: "ليكونوا واحدًا" (يوحنا 17:21) ‏، كونها  بلد يضم خليطًا واسعًا من الطوائف المسيحية قد يسهم في تقوية جسور الحوار ‏بين الكنائس، خصوصًا في الولايات المتحدة التي تضم كاثوليك وبروتستانت ‏وأرثوذكس من خلفيات متعددة
 
أبعاد سياسية وجيوسياسية دقيقة
علاقة معقّدة مع البيت الأبيض
يأتي انتخاب ليو الرابع عشر في وقت حساس، إذ عاد الرئيس "دونالد ترامب" إلى سدة ‏الحكم في الولايات المتحدة. ترامب، الذي أبدى في مرات سابقة تحفظات على توجهات ‏الفاتيكان التقدمية، قد يجد نفسه في موقف متباين مع بابا أمريكي يتبنى خطابًا لا يتماشي ‏مع رؤاه السياسية، ولكنها تكهنات سابقة لأوانها ‏
 
حيادية الكرسي الرسولي
أحد أبرز التحديات أمام البابا الجديد سيكون الحفاظ على "استقلالية الفاتيكان" عن أي ‏تأثير سياسي أمريكي. ليو الرابع عشر سيكون بحاجة لتأكيد أن قراراته تعبر عن ‌‏"الكنيسة الجامعة" وليس عن أي قوة قومية أو سياسية‎.‎، من منطلق كونه منصب ديني ‏روحى فى الأساس يتعين على من يشغل كرسي بطرس الرسول التمسك بالحق الكتابي ‏والتقليد الكنسي والعمل على وحدة الكنيسة ايمانياً وأن تنعم حبريته بالسلام للكنيسة ‏والرعية بكل بقاع الأرض ‏
 
صراع داخلي بين التيارات
قد يواجه صراعا داخليا بين التيارات المحافظة والتقدمي ، ومع أن انتخابه يمثل محاولة ‏للتوازن، فإن التوترات بين المحافظين والإصلاحيين  قد تستمر‎.‎
تأثير اجتماعي وثقافي واسع النطاق (فخر وتمثيل للكاثوليك الأمريكيين) ‏
 
يشكّل الكاثوليك حوالي 20% من سكان الولايات المتحدة، ولذا فإن انتخاب أحد أبنائهم ‏بابا يمثل "لحظة فخر قومي وديني"، وقد يسهم في تنشيط الحوار حول دور الدين في ‏المجتمع الأمريكي‎.‎
 
الاهتمام الإعلامي المكثف
كون الولايات المتحدة مركزًا إعلاميًا عالميًا، فإن انتخاب بابا أمريكي سيزيد من حجم ‏التغطية الإعلامية لأعمال الفاتيكان. قد يُعد ذلك فرصة لنشر رسائل الإنجيل عبر قنوات ‏جديدة، ولكنه أيضًا يفتح الباب أمام تدقيق علني أكبرفي كل خطوات البابا وسيرته ‏الشخصية‎.‎
 
دور متجدد في الحوار بين الأديان
من المرجّح أن يستمر ليو الرابع عشر في تبني رؤية إنسانية منفتحة على الحوار بين ‏الأديان، لا سيما فيما يتعلق بقضايا مثل (التغير المناخي، الهجرة، والعدالة الاجتماعية) ‏
 
ويعد أهم التحديات التى  تنتظر ليو الرابع عشر
الحفاظ على سلام الكنيسة مع تمسكها بالإيمان الخالى من المواربة والحفاظ  على التقليد ‏دون حدوث صراع يشق داخل الكنيسة فى مجابهة المجددين ‏
استقلالية القرار البباوى المتوقع أن يُثبت أنه لا يمثل الولايات المتحدة، بل الكنيسة ‏الجامعة‎.‎
 
التوقعات العالمية كأول بابا أمريكي، سيكون تحت المجهر من المؤمنين حول العالم، ‏وسيُنتظر منه الكثير‎.‎
 
خطواته الأولى على الكرسي الرسولي
ألقى بركته الأولى‎ "Urbi et Orbi" ‌‏(للمدينة والعالم) من شرفة كاتدرائية القديس ‏بطرس‎.‎