بقلم - عاطف كامل
فىً ظل الجهود التى تبذلها الدولة للتخفيف عن كاهل المواطن المصرى فى الداخل والخارج، ومن خلال مبادرات الإعفاء الجمركى التى استبشر بها كثير من العائدين من الخارج، كان من المتوقع أن تكون هذه المبادرات مصحوبة بإجراءات واضحة وتوعية شاملة تضمن سهولة التطبيق وعدالة التنفيذ. إلا أن الواقع يكشف عن فجوة خطيرة فى آلية التواصل والإرشاد، خصوصًا فيما يتعلق بتسجيل الهواتف المحمولة الشخصية لدى الجمارك عند الوصول.
الكثير من المواطنين العائدين إلى أرض الوطن لا يعلمون بضرورة تسجيل هواتفهم المحمولة ضمن إجراءات الإعفاء الجمركي. والسبب بسيط: لا توجد لوحات إرشادية واضحة فى المطارات، ولا أوراق تنبيهية تُرفق بجوازات السفر، كما أن موظف الجمارك لا يُبادر بإعلام القادمين بهذه الخطوة، رغم أن أثرها بالغ على استخدام المواطن لهاتفه الشخصى بعد وصوله.
وما يحدث فعليًا أن المواطن يُفاجأ لاحقًا بتوقف هاتفه عن العمل، ويُطلب منه سداد رسوم جمركية، قد لا يكون مستعدًا لها، ليس إهمالًا منه، بل لأنه لم يُمنح فرصة كافية لمعرفة ما يجب عليه فعله.
فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التى يمر بها المواطن، يصبح من غير المقبول أن يتحول غياب المعلومة إلى عبء إضافي. إن أبسط الحقوق هو أن يُبلغ المواطن بالإجراء الذى سيتسبب فى تحمله تكلفة أو عقوبة ما، وأن تكون هناك لافتات واضحة، وتعليمات مكتوبة، وربما حتى توجيه شفهى من الموظف المختص.
هذا ليس مطلبًا ترفيهيًا، بل هو جزء من العدالة الإدارية التى تضمن ثقة المواطن فى مؤسسات بلاده، وتمنحه الشعور بالاحترام والتقدير.
فليس معقولًا أن مواطنًا شريفًا دخل بهاتفه دون علم التسجيل وبمجرد خروجه لا يحق له التسجيل ويغلق موبايله ولا يعمل إلا إذا دفع جماركه التى هو معفى منها فى الأساس! وكأنه فخ تم نصبه للمواطن لكى يقع فيه.
إن نجاح أى مبادرة لا يقاس فقط بمدى ما تقدمه من إعفاءات أو تسهيلات، بل أيضًا بمدى وضوحها وعدالتها وسهولة تطبيقها، وهى مسئولية تشاركية بين الجهات الحكومية المعنية بالتنفيذ والتواصل.
وللأسف الشديد فمع عدم وجود أى تنسيق بين الجمارك والجهاز القومى لتنظيم الاتصالات يتوه المواطن ولايصل لحل وكل جهة تلقى المسئولية على الأخرى.
ولا ينبغى أن تكون العلاقة بين المواطن والجمهورية الجديدة تشوبها هذه الأزمات التى من الممكن تعديلها بمنتهى البساطة.
فى ضوء ما تقدم، نناشد الجهات المعنية، وعلى رأسها مصلحة الجمارك والجهاز القومى لتنظيم الاتصالات، باتخاذ إجراءات فورية لتصحيح هذا الوضع، وذلك من خلال تعزيز التوعية والإرشاد: وضع لافتات إرشادية واضحة فى صالات الوصول بالمطارات، وتوزيع منشورات توضح ضرورة تسجيل الهاتف المحمول الشخصى عند الوصول، مع شرح مبسط للإجراءات المطلوبة.
ويجب تدريب موظفى الجمارك: توجيه موظفى الجمارك لإبلاغ القادمين من الخارج بضرورة تسجيل هواتفهم المحمولة، وتقديم الدعم اللازم لهم أثناء العملية.
والسماح للمواطنين الذين لم يتمكنوا من تسجيل هواتفهم عند الوصول، بالعودة إلى المطار خلال فترة زمنية محددة (مثلاً 14 يومًا) لتسجيل أجهزتهم باستخدام ختم الوصول كإثبات، دون فرض رسوم إضافية.
وتطوير تطبيق «تليفونى» ليشمل إمكانية تسجيل الهاتف المحمول بعد الوصول، مع توفير دعم فنى للمستخدمين لتسهيل العملية، ما سيسهم فى تحقيق العدالة الإجرائية، وتخفيف الأعباء عن المواطنين، وتعزيز الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة.
نقلا عن مجلة صباح الخير