د. بول غبريال – راعي الكنيسة الكتابية العربية – شيكاغو
في مشهد يتكرر كثيرًا داخل الكنيسة، يلمع نجم خادمٍ يُشار إليه بالبنان، يثني عليه الجميع بسبب اجتهاده، واحتماله للصعاب، وبصيرته الروحية التي تمكّنه من التمييز بين الحق والباطل.
 
وغالبًا ما نعتبر شخصًا كهذا قدوة ومثالًا نادرًا في حقل الخدمة.
 
لكن وسط هذا الإعجاب البشري، تأتي كلمة الله لتقدم منظورًا مختلفًا. ففي رسالة الرب إلى كنيسة أفسس في سفر الرؤيا (٢: ٢-٥)، نرى تقديرًا واضحًا لأعمال الخادم وتعبه وصبره:
 
“أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ وَتَعَبَكَ وَصَبْرَكَ، وَأَنَّكَ لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَحْتَمِلَ الأَشْرَارَ... وَتَعِبْتَ مِنْ أَجْلِ اسْمِي وَلَمْ تَكِلَّ.”
 
لكن هذا الإطراء يتبعه تحذير صارم:
“لَكِنْ عِنْدِي عَلَيْكَ: أَنَّكَ تَرَكْتَ مَحَبَّتَكَ الأُولَى... وَإِّلاَّ فَإِنِّي آتِيكَ عَنْ قَرِيبٍ وَأُزَحْزِحُ مَنَارَتَكَ... إِنْ لَمْ تَتُبْ.”
 
وهكذا، يعلن الرب أن الخدمة، مهما بدت مثالية في نظر الناس، تفقد قيمتها إن خلت من المحبة. فالمحبة ليست مجرد عنصر مكمل، بل هي المحرك الأساسي لكل عمل روحي. بدونها، تتحول الخدمة إلى روتين جامد، وربما وسيلة لتعظيم الذات.

إن هذه الرسالة تدعونا لمراجعة دوافعنا:
هل نخدم من محبة حقيقية لله وللناس؟
أم أننا نؤدي واجباتنا دون حرارة أو شغف؟
 
إنها دعوة صريحة للرجوع إلى الأصل، إلى تلك المحبة الأولى التي كانت تشعل قلوبنا وتشحذ خدمتنا.
كما يقول الرب: “فَاذْكُرْ مِنْ أَيْنَ سَقَطْتَ وَتُبْ.”
 
فلنصلِّ معًا أن يردّ الله محبتنا الأولى، لكي نخدمه بقلوب ممتنة، بمحبة خالصة، وعلى أساس لا يتزعزع.