السبت ١٩ يناير ٢٠١٣ -
٥١:
١٠ ص +02:00 EET
بقلم: نوري إيشوع
من وراء القفار، ينطلق ذئب برفقته، كلب و حمار، من بين الأدغال، يهرول فيل و تزحف أفعى و يكبّر رافع راية سفاح مغوار، حامل بيده اليسار لغز و طلاسم سحّار و في اليد اليمين رشاش قتل و سيف قاطع للرقاب كمنشار.
من بين أكوام القمامة تظهر هامات أشباه الرجال، وجوه غريبة، مغبرة ورؤوس عفنة يعلو كل منها عمامة قذف و شتم و تدمير أمصار، قادمة كأشباح من أوديةِ النسيان، أبو ذباح، أبو سواح، أبو ساطور و أبو سفيان، أسماء و وجوه تثير الإشمئزاز و يتجنب رؤيتها كل الأحرار، تحمل في عقولها عجائب و أفكار!
من قبور الظلمة، ثار قتلة الكلمة، سلبوا الطفولة أحلام الغد و حبسوا في قماقم حقدهم هبوب النسمة، أنفاسهم دخان ملوث بسموم، حرقوا التاريخ، ذبحوا على عتبة جهلهم مصادر المعرفة و كتموا أنفاس العلوم. قوانينهم، سوط للجلد و سيف للحد بقطع الرأس و اليد، محبتهم، حجارة للرجم و موسيقاهم صرخات إمرأة ترقص إلماً على إيقاعات و ضربات شرطي في هيئة عدالة اللاعدالة، ليعلمها بسوطه الحارق كيف تقبر بيدها الغد، و يرشدها أن تكون عمياء لا ترى و لا تُرى، لانها عوراء و لا تصلح إلا أن تكون مصدر متعة و حاضنة أجنة و خادمة تمتثل لتلبية حاجات السيد متى شاء و شذْ!
من جحور أعداء الإنسانية، بدأت غزوات الدمار فنشروا الرعب بين الآمنين و جعلوا حتى وحوش الغابة من بشاعة أفعالهم تحتار، دمروا الحضارة، خربوا الديار، سرقوا المدنية، زرعوا في كل زوايا الوطن الآلام و الأخطار و أغتالوا كل المصلحين و الأخيار!
رغم القتل و الألم و الدمعة و الحزن، رغم الخراب و تدمير وطن، رغم خسوف الشمس حزناً على طفل جائع و أمرأة مرتعبة من نهار الظلمة، رغم بكاء رجل طاعن في السن على سلبه ذكرياته الجميلة و هو يسير بخطى بطيئة نحو النهاية المحتومة، رغم إصفرار جنائن الورود و الياسمين!
سوف تشرق الشمس و تنثر دفئها على القلوب البائسة فتبعث بها الأمل و تعلو هامات الوطن بالجد و العمل. في الغد، تشرق شمس الحرية على أبناء الوطن فتمسح الدمعة عن عيون الأطفال الحزانى، تلقي بظلال الطمأنينة على النساء اللواتي عشن مرارة الوحدة و الخوف و البرد.
غدأ سينتهي كل شيء مؤلم و تنهمر رحمة السماء على الصالحين و الأبرار، يهطل غيث الخير و البركة على التراب المقدس فيلبس ثوبا أخضراً، إيذانا بقدوم حمامة السلام لتعلن بشارة الخلاص لكل الناس بعد إندحار الشر و الأشرار و هروبهم الى أقبية إلههم المخادع، الجبار.
سينتهي كل شيء مؤلمٍ ذات يومٍ، ينتحر الذئب و الكلب و الحمار، يموت الفيل و يلجأ الأفعى الى الجحور و يتلاشى المقاتل حامل راية الأشرار، فتبتسم الديار لأصحاب الدار، ضحكة و نغمة و إشراقة شمس الشرق على كل الشرفاء و الأخيار!