(د. أشرف ناجح إبراهيم عبد الملاك)
بمناسبة بدء "الكونكلاف" أو اجتماع الكَرادلة المغلق لاختيار بابا جديد للكنيسة، انطلاقًا من يوم الأربعاء الموافق الـ7 من شهر مايو/أيَّار الجاري لعام 2025، أُقدّم بضعةَ ملاحظات.
1) وإن كان "البابا" في معتقدنا الكاثوليكيّ، شخصًا محوريًّا جدًّا؛ ولكنَّ إيمانَنا المسيحيّ-الكاثوليكيّ لا يعتمد على البابا (أيًّا كان)، وإنّما على يسوع المسيح، اللّوغُس المتجسّد، الذى وصلت لنا أعماله وأقوله عبر الكِتاب المقدّس والتّقليد الكنسيّ الحي. فهو، إذًا، أساسُ ومؤسّس الكنيسة، جسده، وشعب أبيه، وهيكل روحه.
2) الرّوحُ القُدس لا يختار -بشكلٍ مباشر- الباباوات (أيًّا كانوا) بالمعنى الحصريّ لكلمة "اختيار"، فهو لا يُملي، ولا يفرض، علي الكَرادلة اختيارَ شخصٍ بعينه؛ وإنّما حضوره وعمله يكمنان في مساندة وتعضيد الكَرادلة في مهمّتهم الشّاقة، ويقودهم إلى التّمييز الرّوحيّ والكنسيّ. فكما في الحياة المسيحيّة بوجه عامّ، هكذا في "الكونكلاف"، أعني ثمَّة تضامنٌ وتوافق بين النّعمة الإلهيّة والحرّيّة البشريّة.
3) العقيدةُ الكاثوليكيّة المتعلّقة بـ"عصمةِ البابا" لا تعني على الإطلاق عصمة البابا (أيًّا كان) من الأخطاء أو الخطايا الشّخصيّة؛ وإنّما يُقصَد بها عصمته في قضايا الإيمان والأخلاق حينما يتحدّث "إكس كاتدرا" ("من الكرسي" : ex cathedra)، أي عندما يحدّد رسميًا حقائق الإيمان والأخلاق انطلاقًا من كونه خليفة القدّيس بطرس الرّسول وراعي الكنيسة الجامعة.
4) البابا المختار (أيًّا كان) من قِبل "الكونكلاف"، ليس خليفةَ البابا الذي يسبقه (أيًّا كان) بالمعنى الضّيق، وإنّما خليفة القدّيس بطرس الرّسول، أوّل بابا في الكنيسة الكاثوليكيّة. فلكلّ بابا شخصيّته وطابعه وأسلوبه الخاصّين به.
5) الصّلاةُ الحارّة والمتواصلة والمتوسّلة (سواء الشّخصيّة أو الجماعيّة)، أثناء انعقاد الكونكلاف، ضروريّةٌ جدًّا. إنّها تساهم في تهيئة قلوب وعقول وضمائر الكَرادلة المجتمعين لاختيارٍ موفّق لبابا الكنيسة الكاثوليكيّة الـ267؛ وتنزع من الكَرادلة جميع المعوّقات أمام سماع صوت الرّوح القُدس، والخضوع والإنصياع له.