Oliver   كتبها
- كنت أعيش قرب جبل الزيتون.أعمل حمالاً لأمتعة القادمين إلى الأعياد.على قمة الزيتون أستقبلهم لأضع أحمالهم على ظهر الأتان و أنزل بها إلى مشارف أروقة الهيكل ثم آخذ أحمال العائدين إلى الجليل و أصعد بها نحو جبل الزيتون.كان العمل مربحاً أيام الأعياد أما بعدها فيصير كل شيء مملاً و شحيحاً.لهذا تلقفنى الكتبة و الفريسيون لأساعدهم في معرفة شقوق الجبل لأتجسس لهم عن الزناة فى الشقوق مقابل شواقل شحيحة.كان عمل الصيف ممتعاً و عمل الشتاء حقير.كرهت الشتاء و أعماله.كرهت الخسة التي أمارسها.

- رأيت الفريسيون متجمهرين و وسط أيديهم إمرأة يسحلونها كالذبيحة و أحجار الجبل تمزق لحمها مع ثيابها.لقد إصطادوا فريسة.سرت معهم.أحمل حجراً مثلهم.لعلي آخذ بركة الناموس حين أرجمها.هكذا  أفهمني الفريسيون أن هذه المرأة لعنة و من يرجمها يأخذ بركة ناموس موسي.

- وسط الأروقة كان يسوع.جلبوا إليه المرأة.أو جلبتنا إليه المرأة.سأله الناموسيون عن رجمها حسب الناموس فإنحني يكتب شيئاً علي الأرض و أنا مستعد بالحجر مثلهم.ثم نظر في عيني و خاطبنا قائلاً: من كان منكم بلا خطية فليرجمها بأول حجر.لم يكن منا أحد بلا خطية فإنسحبنا خجلاً و أنا تواريت إنكساراً.صعدت الزيتون إلي بيتي تسبقني دموعي.هذه أول مرة أشعر ببشاعة القلب الذى يسكنني.

- لا أدري ماذا حصل بعدها لكن عند المساء و أنا عند عتبة بيتي وجدت المسيح صاعداً جبل الزيتون..وقف قدام البيت للحظة قائلاً لي: قد رأيت دموعك.قبلت توبتك.فذهب يا صاحب الأتان و الجحش.مغفورة لك خطاياك.نظرت في نفسي : أنا... أنا صاحب الأتان و الجحش؟ هل غفرت لي خطيتي حقاً. لكن أنا لا أملك سوى الأتان.لأنها لم تلد إلى اليوم حتي ظننتها عاقر.

- كلماته البسيطة القوية أدارت عقلي. غيبتني عن أثقال كنت أحملها.منذ ذاك اليوم لم أعد أشارك الفريسيين و لا حتي أصادقهم.فصاروا يعايرونني أنني تلميذ ذاك.و أنا حسبت نفسي تلميذه.صرت أبقي قدام عتبتي حتي وقت متأخر لعلي أراه يصعد فوق الجبل يختلي و كان إذا مر يقول سلام فيمتلأ قلبي بالسلام.تخطفني كلماته.

- ذات يوم أستوقفته و هو مار قدام بيتي.إستحلفه كيهودي أن يدخل بيتي.فقال لي سأستضيفك في بيتي.يا صاحب الأتان و الجحش.و هذه هي العلامة إنى يوم أستضيفك سأرسل لك أثنين من تلاميذى يأخذان الأتان و الجحش لأجلي.منذ تلك الساعة صرت أعتني بالأتان أكثر.فهذه تقدمتي الزهيدة للسيد الذى يعفو و يغفر.

- كنت أؤجر دابتى للقادمين إلي الأعياد لتحمل أثقالهم.و أتربح رزقي لأطعم نفسي و أطعم بنتاي .لكن منذ وعدني أنه سيأخذ الأتان لم أعد أؤجرها.خفت لئلا يصيبها شيء فإن طلبها مني لم يجدها فيكون لي خزي بدلا من الفرح.صرت أصعد بدون الدابة أحمل أمتعة الناس علي كتفي و أكتفي بالقوت الذى يأتيني.أنا الآن غني بوعد المسيح الذى وهبني أن أقدم له هديتي التافهة أتاناً مع جحش لم يولد بعد.لا أدري لماذا يطلب الأتان.فأنا أراه صاعداً علي قدميه كل مرة.يرتدي نعلاً ممزقاً و أحياناً يكون حافي القدمين .ألعله يريد أن أشعر بقيمتي عنده حين يقبل مني شيئاً زهيداً كهذا؟ ليعرفني أنه يرضي بالتقدمات البسيطة .

- صرت في كل صباح أجمع بعض العشب من شعاب الجبل.فلما تشبع الأتان أربطها قدام البيت.بينما كان رجل يحمل جرة ماء يأتي كل يوم مجاناً ليسقيني و يسقي الأتان.حتي حسبته مكلفاً من المسيح فلم أسأله لماذا يفعل هكذا.سار الأمر هكذا لأكثر من عام و تصادقت كثيراً لحامل الجرة.صرت اشاركه أسئلتي. ,أين بيت المسيح؟ هل يستضيفني فيه طويلاً أم فقط وليمة ليلة واحدة؟ ما شكل بيته ؟من يسكن هناك؟قال لي حامل الجرة أن له نفس الشوق و نفس الأسئلة و  أنه أخذ نفس الوعد ليكون معه في البيت.الآن هو مثلي منتظر هذه الإستضافة .مرت الأيام و ولدت الأتان جحشاً.

-بقيت أربط الأتان لتشبع و ترضع جحشها.الطليق.و أنا في الظل أجلس لأفكر.هل سأكون في البيت حين يأتي تلميذاه؟ أنا صرت أكثر البقاء في البيت لئلا يسرق سارق دابتي أو جحشها فأخسر إستضافة سيدي.

-ذات صباح جاء نحوي رجلان.واحد له نفس عمري و معه شاب .ملامحهما جليليون.جاءا في صمت.أتجها نحو المزود و صارا يحلان الأتان .أرقبهما و قلبي يكاد يفارقني من الفرح.سألتهما كما أوصاني أن أسأل.لماذا تحلان الأتان؟ فأجابا بما كنت أنتظره شهوراً طوال.قالا الرب محتاج إليهما.أذهلتني الإجابة أو صعقتني كما يصعق البرق الأغصان المبتلة.أحقاً يحتاج الرب شيئاً؟ منذ متي يحتاج و هو الذى يقدر علي كل شيء.

سيبق لي زمن أقضيه لأفهم بعضاً من شخصية السيد .فعجائبه الكامنة أكثر من الآيات التي نسمع عنها.سألت التلميذين أن يأخذوني معهما. هل يمنع الرب أن أتبعه؟ فأجابا : الرب لا يمنع .فتبعتهما.سرت خلف التلميذان.نحو بيت فاجي.هناك كانوا دائرة حول شجرة تين يابسة.و تلاميذه يتسائلون كيف يبست.

نظر نحوي السيد.سلام يا صاحب الأتان و الجحش.أخذ الأتان أولاً.فتهللت لأنه قبل هديتي المتواضعة.ركبها و سارت  و الجحش ملتصق بأمه .كلما تقدم نحو مشارف الهيكل إزدادت الجموع الملتفة حوله.صار الجميع يهتفون فقلت كما قالوا أوصنا.كنت أهتف و الموكب يتعاظم و عقلي يتجول في  بيت يسوع الراكب الأتان.يبدو أنه سيأخذنا بيته قريباً.أنا على وعده أهتف.على وعده أسير أنه إلي بيته يأخذنى.