محرر الأقباط متحدون
عقدت جبهة الإصلاح الديمقراطي "حراك" مائدة مستديرة تحت عنوان "الأوضاع الاقتصادية وقانون العمل"، بحضور نخبة من القيادات الحزبية والمستقلة، وعدد من القيادات العمالية والشخصيات العامة.
وتركزت المناقشات حول التعديلات التشريعية الأخيرة التي أقرها البرلمان، خاصة قانون العمل، وسط انتقادات حادة من المشاركين الذين اعتبروا أن هذه القوانين لا تعكس طموحات المواطنين ولا تستجيب لاحتياجاتهم.
افتتح الجلسة الأستاذ تامر جمعة، مؤسس جبهة الإصلاح الديمقراطي "حراك"، حيث رحّب بالسادة الضيوف من رؤساء الأحزاب، والسياسيين، وأعضاء مجلس النواب.
وأشار إلى أن فكرة هذا اللقاء جاءت نتيجة التتابع السريع والمفاجئ في إصدار القوانين من قِبل مجلس النواب، دون أن تحظى تلك القوانين بالنقاش الكافي من المختصين أو فئات المجتمع المختلفة، أو تمر بأي حوار مجتمعي حقيقي.
وأضاف أن تطبيق هذه القوانين فيما بعد سيكشف عن مواطن الخلل والقصور فيها، وعلى رأسها قانون العمل، الذي فوجئ الجميع بإصداره دون تمهيد أو نقاش مجتمعي يُذكر.
وأكد أنه يأمل أن يُسفر هذا اللقاء عن رؤى وأفكار واضحة حول كيفية التعامل مع هذا القانون، بما يضمن تحقيق التوازن المطلوب ويخدم الفئات العاملة في المجتمع، ويكفل لها حقوقها المشروعة.
من جانبه، استعرض الدكتور أحمد البرعي، وزير القوى العاملة الأسبق وعضو الهيئة الاستشارية لجبهة الإصلاح الديمقراطي "حراك" ، تاريخ قانون العمل والنقابات على مدار السنوات السابقة، مؤكدًا أن سوق العمل يرتبط بشكل أساسي بتلك القوانين وبالسياسة الاقتصادية للدولة، خاصة في ظل وجود نسب بطالة مرتفعة.
وأشار البرعي إلى أن الأجواء الاقتصادية والاجتماعية الراهنة لا تتيح إصدار قانون عمل جديد بالشكل المناسب، وحذر من نص في القانون الذى تم إصداره، يسمح لصاحب العمل بإنهاء عقد العامل بعد خمس سنوات مقابل مكافأة هزيلة، معتبرًا ذلك تقويضًا لمفهوم الأمان الوظيفي.
الدكتور عمرو الشوبكي الباحث والمفكر السياسي الكبير وعضو الهيئة الإستشارية لجبهة الإصلاح الديمقراطي "حراك" ، أشار إلى تسارع إصدار حزمة من القوانين كالإجراءات الجنائية، والإيجار القديم، والعمل، والمسؤولية الطبية، دون دراسة كافية أو نقاش مجتمعي حقيقي، داعيا إلى إجراء مراجعة شاملة لما صدر خلال الفصل التشريعي الحالي.
من جانبه، أكد النائب إيهاب منصور، وكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، أن قانون العمل في نسخته الأولية كان أسوأ بكثير مما صدر، مشيرًا إلى بعض التعديلات الإيجابية التي أُدخلت عليه، مثل تعريفات جديدة لضمان حقوق العمال دون عقود عمل، وإلغاء حصر أماكن العمل بقرار منفرد من صاحب العمل.
كما تناول التعديل في اختصاصات المجلس القومي للأجور، الذي أصبح مخولًا بتحديد الحد الأدنى للعلاوة الدورية، مع منح صندوق الخدمات الاجتماعية والصحية والثقافية الشخصية الاعتبارية.
الأستاذ محمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية، أقر بأن القانون قد صدر فعليًا، واللائحة التنفيذية قيد الإصدار، مؤكدًا أن التركيز يجب أن ينصب على كيفية الحد من التداعيات السلبية له، وعلى بناء استراتيجيات للضغط من أجل قوانين أخرى، لا سيما في ملف الإيجارات.
الأستاذ كمال عباس، القيادى العمالى المنسق العام لدار الخدمات النقابية، طالب بالإسراع في إصدار قوانين لتنظيم العمالة المنزلية، وإنشاء المحاكم العمالية، وضمان حرية تأسيس النقابات، مشددا على أن قوة التنظيم النقابي هي السبيل الوحيد للدفاع عن حقوق الطبقة العاملة.
النائبة سناء سعيد، عضو مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، أشارت إلى أن قانون العمل تم تمريره دون مناقشة كافية، رغم تبني عدد من النواب لتعديلات جوهرية لم يؤخذ بها.
ووصفت النائبة، قانون الإيجارات بـ"الكارثة"، منتقدة غياب البيانات الحكومية الدقيقة، ووجود مواد تسمح بإخلاء السكان من مساكنهم.
الأستاذ فريد زهران رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي تحدث عن أهمية ربط الأجور بالمفاوضات الجماعية، داعيًا إلى بيئة ديمقراطية حرة وحريات نقابية لضمان عدالة الأجر وتحقيق استقرار اجتماعي.
أما الأستاذ كمال أبو عيطة، وزير القوى العاملة الأسبق، فانتقد بشدة ما وصفه بادعاءات الحكومة بإجراء حوار اجتماعي حول القانون، معتبرًا أن غياب التنظيم النقابي القوي يحول دون تطبيق فعلي لحقوق العمال.
من جانبه، أكد الأستاذ محمود دسوقي، امين تنظيم حزب التجمع، تخوفه من أن التنفيذ الفعلي على أرض الواقع قد لا يعكس ما هو منصوص عليه في مواد القانون.
وشدد دسوقي على أهمية الضغط لضمان تنفيذ فعلي وحقيقي للمكتسبات التي يتضمنها القانون، مشيرًا إلى أن المشاركة الشعبية في مناقشة مثل هذه القوانين تظل ضرورية وأساسية لتحقيق التوازن
وشدد الدكتور عبد الجليل مصطفى، المنسق السابق للجمعية الوطنية للتغيير وحركة كفاية، على أن القوانين الجديدة لا تساهم في حل الأزمات، بل تفاقمها وتدفع نحو مزيد من الاحتقان المجتمعي، داعيًا إلى تفكيك المركزية التي تنتج برلمانًا لا يعبر عن تطلعات المواطنين.
قال الدكتور أحمد بيومي، عضو الهيئة التأسيسية بجبهة الإصلاح الديمقراطي "حراك"، إن من الضروري مناقشة تأثير الإجراءات التعسفية التي اتخذتها الحكومة مؤخرًا على أصحاب الأعمال، مشيرًا إلى أن العديد منهم تكبّد خسائر فادحة دفعتهم إلى الاستغناء عن بعض العمال أو عدم الالتزام بالحد الأدنى للأجور.
وأضاف بيومي أن الجانب الإيجابي في الأمر هو وجود حالة من النقاش المستمر حول هذه القوانين، يشارك فيها أصحاب المصلحة أنفسهم، وهو ما يُعد خطوة مهمة نحو إيجاد حلول أكثر واقعية وتوازنًا.
وأكّد النائب محمد عبد العليم داود، عضو مجلس النواب عن حزب الوفد، أن الأزمة السياسية والتشريعية في مصر جوهرها غياب الديمقراطية الحقيقية داخل البرلمان، مشيرًا إلى أن أي محاولة لإصلاح تشريعي تصطدم دومًا بكتلة الأغلبية التي تمرر ما تشاء دون حوار حقيقي.
وأضاف داود، أن المعارضة داخل البرلمان الحالي مهمّشة، وما يتم داخل المجلس نقاشات الشكلية لا تغيّر شيئًا، فبمجرد أن يصل القانون من الحكومة، يتم تمريره في الجلسة التالي، دون مناقشة جوهرية.
أكد الأستاذ شادي العدل، عضو الهيئة التأسيسية بجبهة حراك، أن فلسفة قانون العمل ترتكز بالأساس على تنظيم العلاقة بين أطراف العمل الثلاثة: العامل، وصاحب العمل، والدولة، لكنه أشار إلى أن هذه العلاقة لطالما شابها التوتر في مصر، ما يستدعي النظر إليها بمنظور مختلف في السياق الراهن.
وفي ختام اللقاء، أجمع المتحدثون على ضرورة خلق تكتل سياسي واجتماعي لمجابهة الهجمة التشريعية الحالية، والدفع نحو حوار مجتمعي حقيقي يضع مصالح المواطن والمجتمع في صدارة الأولويات.