ياسر أيوب
لا يعرف السلام النفسى من يتخيل طول الوقت أنه الأقوى والأهم والأذكى والأكثر قوة وقدرة ونجاحا.. أو الذى يتوهم استطاعته تحقيق ما لا يستطيعه غيره وأن غيابه لا يعنى إلا الخسارة والفشل.. ولن يدرك هؤلاء معنى وقيمة ودلالة ما جرى فى الدورى الإنجليزى خلال الأيام الماضية.. ولماذا ذهب أرسين فينجر إلى استاد الإمارات شمال لندن لتشجيع أرسنال على الفوز ليقترب من المباراة النهائية وكأس دورى أبطال أوروبا.. أو لماذا ذهب يورجن كلوب إلى استاد انفيلد ليشهد ويشارك ليفربول احتفالاته بالفوز بالدورى الإنجليزى.
ولن يفهم أو يستوعب غير المتصالحين مع أنفسهم كيف يتمنى أرسين فينجر أن يفوز أرسنال ببطولة كبرى مثل دورى الأبطال، ظل أرسنال بقيادة أرسين نفسه ٢٢ سنة عاجزا عن الفوز بها.. فإذا فاز أرسنال بهذه البطولة سيصبح مايكل أرتيتا هو النجم الذى يصفق له الجميع.. وحين ذهب أرسين لتشجيع أرسنال.. لم يغضب أو ينزعج أرتيتا أو يتساءل لماذا عاد هذا الرجل الذى ترك تدريب أرسنال منذ سبع سنوات.. لم يقل أرتيتا أيضا إن أرسين الذى ترك فريق أرسنال مدمرا وضعيفا عاد اليوم وأرسنال يلعب نصف نهائى دورى الأبطال كأنه يريد أن يسرق جهد وتعب الآخرين.. ولأن أرتيتا من المتصالحين مع أنفسهم.. فقد رحب بأرسين بحرارة واحترام وقال إن هذا الرجل هو الذى صنع أمجاد أرسنال ولولاه لما كنا جميعا هنا الآن نحلم بالبطولة.. وقبل هذا بيومين فقط.
كان يورجن كلوب يتمنى واحتفل بعدها بفوز ليفربول بالدورى الإنجليزى بقيادة أرنى سلوت.. وكان الاثنان تماما مثل أرسين فينجر ومايكل أرتيتا.. فقد وقف سلوت يقود جماهير ليفربول للغناء ليورجن كلوب فى لحظة انتصار سلوت وأوج فرحته.. تماما مثلما وقف كلوب فى ختام الموسم الماضى يقود جماهير ليفربول للغناء ترحيبا بالمدير الفنى الجديد إلى سيخلفه فى قيادة الفريق.. لم يشأ كلوب أن يبقى وحده المدير الفنى الذى قاد ليفربول لانتصارات ظلت غائبة سنينا طويلة عن النادى الإنجليزى العريق.
ولم يشعر سلوت أن كلوب يريد أن يسرق منه نجاحه وانتصاره.. بعكس كثيرين لا يبدأ أى منهم عمله الجديد إلا بإهالة التراب على من كان قبله وأنه مضطر لأن يبدأ من الصفر.. أو يرحل أحدهم فيبقى فى الظل متمنيا ومنتظرا أى فشل وإخفاق حتى يخرج للناس طالبا منهم أن يعرفوا قيمته وأنه هو وحده الذى يملك مفاتيح القوة والانتصار.. فالمتصالحون مع أنفسهم هم الذين لا يتمنون الشرور والأذى لأى أحد.. لا يزعجهم ويغضبهم نجاح غيرهم ويرون الحياة تتسع لكل الناس وفيها فرح ونجاح يستحقهما الجميع.
نقلا عن المصرى اليوم