كتبت- صفاء عبدالرازق
السينما دائما فى محاولات جادة لمناقشة الأفكار والمواضيع شديدة الحساسية، التى تعبر عن فئات إنسانية مختلفة، لذلك حاول فيلم "الاجتماع السري conclave إنتاج 2024 بكل ثق أن يفتح الباب على اختيارات جادة في حضرة بابا الفاتيكان الجديد والبعد عن المثالية.
المؤثرات البصرية في الفيلم تحول مشاعرك إلى متلقي مستنيرة، إلى اسير الحكاية والفكرة، فكيف فعلت الكاميرا باختصار وكيف تصاعدت الحبكة الدرامية للفيلم لتطرح تساؤلات كثيرة عن التقلبات المفاجئة من خلال موت البابا وانتخاب بابا آخر؟.
المخرج الألماني صاحب الصورة السينمائية الجذابة، إدوارد برجر صاحب التجربة الفريدة فى تاريخه السينمائي حسب وصفه بفيلم "كل شئ هادي على الجبهة الغربية" انتبه المخرج لبعض التفاصيل الدقيقة لـ "عملية انتخاب البابا" بصورة واقعية تخص انتخاب البابا بطريقة تقليدية ديمقراطية حسب نظام الفاتيكان الاصلي، من خلال بعض اللقطات في انتخاب البابا من خلال حرق "بعض من الصمغ" ليخرج دخان ابيض من مدخنة الكنيسة وهذا دليل على انتخاب بابا جديد، أما في حال عدم التوصل إلى فائز فتحرق الأصوات مع بعض القش، فيخرج دخان أسود، وبذلك يعرف الجميع أنه لم ينتخب بعد.
لعبت الاضاءة فى السرد الهرمي للشخصيات وتحديد الشخصية الرئيسة التي يقوم بها توماس لورانس عميد الكرادلة في الفاتيكان (الممثل البريطاني رالف فاينس المرشح للأوسكار) الذي نضج بتلك الشخصية، التى تتطلب جهد كبير فى إظهار ملامح معتدلة تتسم بقيامه بالمسؤوليات الجديدة بعد وفاة البابا، ليجمع جميع الكاردينالات لاختيار بابا جديد معتدل يقبل الصواب والخطأ من أجل الغفران الذي يستحقه البشرية.
المؤثرات الصوتية كانت الوسيط فى جذب الانتباه وكأنك تشاهد فيلما بوليسيا يحاول البحث عن من هو أفضل "لمنصب البابا" لكن بطريقة تغازل بها جمهور أوسع، من اجتماعات سرية ومؤامرات داخلية تظهر بها بعض الشخصيات على المنافسة الشريفة أو التى تبدو العكس فى الاجتماع السري الذي يحاول أن ينبش فى تاريخ من جاءوا للمنصب.
فى الواقع نجح المؤلف بيتر ستروجان فى نقل تفاصيل من داخل الجدار الكنيسي الكاثوليكي برسومات فنان النهضة مايكل أنجلو إلى الشاشة من خلال الرواية المأخوذة من الكاتب البريطاني روبرت هاريس الذي أصدرت عام 2016، في رسم بعض الشخصيات التي جاءت من كل مكان لانتخاب البابا حيث سلطت الكاميرا ولعبت الإضاءة دور مؤثر في إيضاح الوجوه الشريرة والطيبة و المتسامحة وإخضاع البعض للشلالية أثناء القيام بعملية الانتخاب من حيث الالوان والاجناس البشرية.
عبر "رالف فاينس" في تعبير ملامحه الغاضبة والمتشككة فى إيمانه الذي يرفض أن يرشح نفسه، ويحاول أن يقنع الممثل الإيطالي امريكي الاصل ستانلي توتشي" الذي يقوم بشخصية الكاردينال "بيلليني " أن يرشح نفسه لمنصب البابا لعلمه أنه شخص مستنير لكن يرفض، بعد إعلان الكردينال المتشدد والمتعصب " تيديسكو" في حال انتخابه ليظهر كره للتجديد ومعادية للدين الإسلامي ورجوع الكنيسة عصر النهضة.
ماذا لو أصبح البابا الفاتيكان عابر من جنس إلى جنس، وعلى استحياء معلن يتم انتخاب البابا بعد كشف حقيقة حوالي أكثر من 70 كارينالا يمثلون جميع الأسقفيات من جميع العالم الكاثوليكي ليصبحوا رهن كنيسة سيستين "الكنيسة البابوية في الفاتيكان" لانتخاب بابا جديد.
كيف يكون للتغيير عنوان يحمل شخصية مختلفة عن الحضور بوجود الكاردينال اسمر اللون"بينيتز" كاردينال كابول، الذي يرفضه الجميع دون مقدمات مسبقة، ليعبر عن نفسه بتلك الكلمات "عاصرت حروب وصراعات مسلحة في بلدان عربية وافريقية"، ليخبرهم أنه لا يسعى إلى أي منصب.
ليحاول "توماس" أن يرسل شخص لتقصي عنه ويكتشف أنه الأصلح وينتخب "بابا الفاتيكان" ليكشف عن نفسه أنه شخص عابر من امرأة إلى رجل وينتهي الفيلم بإعلان الدخان الابيض لانتخاب البابا الجديد.
الفيلم ايضا يكشف عن تورط البابا فى شئ غير أخلاقي وهو" التجسس" على الجميع، وهذا ما يكتشفه "توماس" بعد موت البابا يسمح لنفسه أن يقتحم غرفة البابا ليكشف اسرار وراء عزل بعض من الكاردينال لتورطهم فى علاقات غير أخلاقية لا تجوز لهم الاستمرار فى الكاردينال معناه (امير فى الكنيسة وهو مركز رسمي في الكنيسة الكاثوليكية).
يستحق الفيلم القراءات المختلفة من حيث السلطة الدينية والسياسية التى تلعب دور مهم فى تلك الجلسات السرية التي تسعى إلى التكتم والسرية عن فكرة الإيمان الحقيقي وإبراز الألوان التي لها دلالات أيضا الابيض يدل على التسامح والأحمر لون الغضب والتشدد وسرعة الحكمة التى من المفترض ان تكون لدي كل شخص يجلس على كرسي له تاريخ سلبي وايجابي.
السؤال هنا هل الفيلم يساهم فى تصور البابا الحالي لمؤسسة الفاتيكان فى قبول المثلية فى أن تترأس منصب صغير لتتحول فيما بعد لمنصب أكبر، هذا هو صلب "الاجتماع السري" قبل امتحان الإيمان الحقيقي الذي يعتريه بعض الكاردينال.