ماهر عزيز
كلما اشتدت أزمات داخلية تجعل حياة الناس شاقة عسيرة ،
وكلما ساءت أحوال البلاد وجأر الناس بالشكوى ، وانطحن الفقراء بالعوز والفاقة ،
توجد جهة ما تتدخل لتنقذ جهة الإدارة بأشد الوسائل إلهاء للناس وتفتيتا للمجتمع ، ألا وهي الفتنة الطائفية التي وقودها الأقلية الدينية ، وضحيتها أيضا الأقلية الدينية .
ولتأجيج نار الفتنة ، والإمعان في إلهاء الناس بحرب ضروس توحراق فيها الأقلية الدينية حرقا ، ينهار سيل من الأكاذيب الممنهجة القاتلة لكل وحدة أو سلام مجتمعي بين فئات المجتمع ، وبدلا من تقوية الأمة بالسلام المجتمعي يحدث إضعافها عمدا بحرب ضروس ، تسقط فيها الأقلية الدينية صريعة تحت سنابك الفتنة .
ويتم لأجل ذلك تجييش كتائب إلكترونية مجنونة بالتعصب - سواء إخوان يريدون تخريب المجتمع بحريق أكاذيب وافتراءات الفرقة والانقسام ، أو مجندون من جهة بعينها لإشعال الحريق بخنق وقتل الأقلية المحاصرة - أقول يتم تجييش كتائب إلكترونية مجنونة بالتعصب ، تنتظر فرصة هائلة كهذه لتؤجج نار العنصرية تأجيجا يحرق البلد حرقا في أتون الاضطهاد الديني دون ذرة من ضمير .
وفي مجتمع يتلمظ شبقا وجنسا مكبوتا بحقن متواصل من أدعياء الدين ، تصبح أنجع وأسرع وسيلة لإشعال النار في الكل هي الجريمة الجنسية .
هكذا تكتمل مؤامرة مخطط شيطاني يدمر المجتمع في وقت عصيب لإلهاء الناس عن انهيار لم يسبق لبلدهم مصر ، وللتغطية علي هذا الانهيار .. ولو لوقت آخر .
وأحد وجوه الانهيار المفزع يقع في المؤسسة التعليمية ، من أول وزير لا يملك أي مؤهل للمنصب ، تفرض وجوده منظومة مهترئة تتحدي الشعب كله وتبقي عليه ليكمل عمله في تخريب مصر إلي النهاية ، إلي مناهج منزوعة العلم والأدب واللغة لوأد الثقافة ، إلي عجز رهيب في عدد المدارس تسدده الدولة بجعل المساجد مدارس ، إلي نشر منظومة كتاتيب تعود للقرن الثالث عشر ، إلي التخفي في سيطرة الدين كمادة نجاح ورسوب وإضافة للمجموع العام .
فلا يكتمل تخريب التعليم إذن إلا بالإجهاز علي مؤسسات التعليم المسيحي ، التي ترعاها مؤسسات عريقة مسئولة بأمانة وشرف لمجد الناس والبلد ، في مدارس الراهبات والرهبان والمطرانيات والجمعيات الأهلية .
هذه المدارس التي بدأها لأول مرة في مصر البابا كيرلس الرابع الملقب بأبي الإصلاح ، الذي أنشأ أول مدرسة عصرية بمصر - وتبعتها مدارس الجيزويت والفرنسيسكان ذات الأثر العظيم في تاريخ التعليم المصري - وتخرج فيها أول رئيس وزراء لمصر ، كما تخرج فيها أعظم رجالات مصر المسلمين قبل المسيحيين ، وكان أول من أنشأ أول مدرسة للبنات في مصر ، وتبعتها مدارس الراهبات الرائعة التي تخرجت فيها عيون بنات مصر المسلمات والمسيحيات ، ومنهن جميع الوزيرات و السفيرات و سيدات الأعمال وسيدات البيوتات الراقية .
هذا الجانب الوحيد المشرق الباقي في التعليم المصري يسوقون عليه الآن بقصة عنصرية ملفقة بخسة مذهلة حملة مسعورة بواسطة زبانية الجحيم في الكتائب الإلكترونية ، وبصمت الدولة ، ليدمروه من جذوره ، ويسيطرون عليه ، ليخربوه التخريب الأخير .
لماذا يدمرون مصر هكذا بكل هذه البشاعة ؟
لصالح من ولأجل ماذا يفعلون ذلك ؟
ألم يكفهم ما افتعلوه حتي الآن من تديين للمجال كله حتي انهارت بمصر كل الأركان التي مسها هذا التديين ؟
متي تهدأ حربهم وتخمد نارهم التي أشعلوها ، وما يزالون ينفخون فيها ريح جهنم وبئس المصير ؟
إنني لأهيب بكل الإخوة المسلمين والأخوات المسلمات خريجي وخريجات مدارس الجيزويت والفرنسيسكان والراهبات والأقباط أن ينشروا شهاداتهم الأمينة عن تعليمهم فيها ، يصفون دراستهم فيها وتعليمهم فيها والانضباط والأدب والأخلاق والمحبة والوطنية التي تلقوها فيها ، والتي أثرت في نجاحهم وحياتهم تأثيرا عظيما .
احموا آخر مكامن الرقي والتعليم العظيم قبل أن تنهار وتخسر مصر أهم وآخر حصونها المدمرة التي تنهار بشدة الآن في معركة البقاء .
انظروا القصة الحزينة بالموقع المرفق أسفله لتعرفوا أبعاد المؤامرة الخسيسة علي التعليم الحقيقي بمصر الآن .