صفحات تحريضية تستغل قضية الطفل " يس" لتصفية حسابات وإشعال مناخ الكراهيَة
لا يجب إصدار أحكام مسبقة فالقضية أمام القضاء وننتظر العدالة
القضية تم حفظها مرتين لعدم ثبوت الأدلة والطب الشرعي لم يحسم الواقعة


محرر الأقباط متحدون
 منذ تفجير قضية طفل دمنهور" يس"، الذي اتهمت أسرته مدير مالي بمدرسة بدمنهور بالتعدي عليه جنسيًا، وقد تحولت القضية لرأي عام، وجدل ووصل للتحريض على الآخر، ونشرت روايات متعددة، وقصصًا ليس لها عِلاقة بالواقع، وتحول جزءً منها لشائعات هدفها المساس بالسلام الاجتماعي، بدوافع دينية.

ولذا كان واجب التأني وعدم الانسياق وراء ما ينشر على السوشيال ميديا دون تحري الدِّقَّة، وبالتواصل مع مصادر موثقة وبالعودة لأوراق القضية كان يجب نشر التفاصيل كما هي حتى تتضح الأمور ولكن في النهاية ليس إصدار لحكم أو تغليب رأى على الآخر لان هذا الأمر متروك للقضاء المصري وحده الذي يجمع كل أطراف القضية.
 
·       المدرسة
تدخل مدرسة المشار اليها في التهام عامها السادس منذ تأسيسها من قبل نيافة الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح والخمس المدن الغربية، في إطار دور المؤسسات الدينية للتنمية ودعم المشروعات الوطنية، كشريك أساسي في العمل العام لخدمة المجتمع، ومنها المستشفيات والمشروعات الصغيرة المتنوعة التي قدمت بواسطة مكتب المشروعات والذي يعمل بشكل مستقل.
 
ومنذ تأسيسها كانت مدرسة مؤسسة هامة في البحيرة وبالتحديد مدنية دمنهور لخدمة أبناء المحافظة جميعا مسلمين وأقباط، وهى مخصصة للمرحلة رياض الأطفال والابتدائية والإعدادية، وحسب وصف المدرسة توجد مرحلة رياض الأطفال في مبنى منفصل بعيدًا عن المرحلة الإعدادية، للحفاظ على استقلالية هذه الفئة في مرحلة الحضانة، وكل طابق من هذا المبني خصص له مشرفة واثنين من المعاونين" الدادة"، بالإضافة للمدرسات للتعليم ودعم المهارات، ولهذا المبنى دورات مياه خاصة به، ويفصل المبنى عن المباني الأخرى جدار يتم المرور عبره من خلال بوابة، ويخضع للرِقابة، خاصة في هذا العمر من سن الطفولة.
 
ويقع المبني الإداري المتهم فيه مراقب مالي بالتعدي على الطفل على بعد جدارين يتخللهما بوابتين للمرور والوصول من مبنى رياض الأطفال إلى المبني الإداري، وأمام مبنى المدرسة يوجد جراج سيارات مفتوح في أرض فضاء للعاملين والمدرسين بالمدرسة يعمل طوال اليوم، ويذكر أن المراقب المالي " ص. ك" لا يعمل ضمن قوة المدرسة ولكن هو مشرف مالي يتتبع مكتب المشروعات بالمطرانية ويأتي يومين فقط بالأسبوع للمراجعة المالية مع مكتب المحاسبة.

ولا يسمح لطلاب إعدادي المرور الي مبنى رياض الأطفال والعكس أيضا

·       الواقعة
في فبراير 2024، حسب مصادر قانونية مطلعة بالأوراق، توجهت أسرة الطفل" يس" لتحرير محضر تتهم فيه مراقب مالي بالمدرسة " ص.ك" بالاعتداء على الطفل جنسيًا وتم توجيه اتهام لمشرفة" دادة" بانها كانت تساهم في ذلك في إحضار الطفل من المبنى رياض الأطفال للمبنى الإداري، واتهمت معرفة مدير المدرسة وأيضا معلمة الفصل وهي مسلمة.
 
وبناءً على هذا المحضر فتحت نيابة دمنهور التحقيق في الشكوي وحسب راوية الأوراق الرسمية، تم استدعاء المشكو في حقه " المراقب المالي ص. ك"، وأيضا مديرة المدرسة والدادة والمعلمة المسلمة، كما انتقلت النيابة لمعاينة المباني ومعاينة كاميرات المراقبة، وتم تقديم تحريات الشرطة، وأيضا توقيع الكشف الطبي على الطفل.
 
وتم نفي الشكوى من قبل المتهم وأيضا الأطراف الأخرى، وانه استحالة مرور الطفل من مبنى لمبنى أخر، بصفة مستمرة وجميع المباني يتواجد بها العاملين، وأنه هناك إشراف في كل مبنى يتابع تحركات الطفل، وبناءًا على ذلك قررت النيابة حفظ محضر القضية لعدم ثبوت الأدلة.
 
·       تقرير الطب الشرعي
وجاء تقرير الطب الشرعي على الطفل في فبراير 2024، على الطفل " يس" وهو من مواليد 21 مارس 2018، حيث قال الرأي المثبت بالتقرير، لم يتبين أثناء توقيع الكشف الطبي على الطفل أي آثار أصابيه، وحول وجود اتساع لقطر 1سم بفتحة الشرج عند ابعاد الإليتين  ووجدنا انعكاسها وتعاريجها طبيعة ولم يتبين ثمة التئام قديمة، او إصابات حديثة، وان كان جائز الحصول من الايلاج أو محاولة الايلاج وفق ما ورد بمذكرة النيابة، الا أنه لا ينهض دليلا جازمًا في حد ذاته على حدث ذلك، مع التنويه عن أن الإحتكاك الجنسي الخارجي لا يترك وراءه أثرًا يستدل به عليه والأمر مرجعه لما سوف تنتهي اليه التحقيقات.

ويقول الدفاع في هذا الأمر أن التقرير لم يثبت صحة الواقعة بعد الكشف على الطفل فضلا على تفريغ الكاميرات وعدم وجود شهود إثبات، وهو ما يتنافي مع قصة الأسرة لانه يستحيل أن تقوم الدادة بإحضار الطفل للمتهم حتى ينتهى من الفعل ثم تعود به مرة أخري لفصله دون ملاحظة أي شخص، كما أن النيابة استدعت عينة عشوائية من زملاء الطفل " يس" بالفصل بحضور أولياء الأمور، وتم سؤالهم بشكل مختلف حول تعرض أحدهم لاى شيء أو خروج " يس"، أو أمور تثبت شيء بهذا الشأن ولم يستدل على شيء بصحة الواقعة، ولذا جاء قرار الحفظ
 
·       تظلم وفتح التحقيق وحفظ المحضر للمرة الثانية
تقدم محامي الطفل بعد حفظ القضية بتظلم للمحامي الأول لنيابات الإسكندرية، حول قرار الحفظ، وأعاد المحامي القضية مرة أخري وتم فتحها بعد قرار الحفظ في ديسمبر الماضي، وطلبت نيابة دمنهور طلب حضور المتهم والدادة، وتم الأدلاء بنفس الأقوال، وتم إحضار الطفل" يس"، للعرض القانوني للتعرف على المتهم وتم عرضه على المشكو في حقه " ص. ك" ست مرات، وتعرف الطفل عليه في المرة الأولي والثانية، ثم لم يتعرف عليها في الأربعة مرات الأخرى حيث أشار إلى أخرين معه في طابور العرض بعد تغيير وضعية العرض بينه وبين الأخرين وفى مرة الأخيرة قال الطفل أن المتهم مش موجود، ولذا جاء قرار النيابة للمرة الثانية وتم إخلاء سبيل المشكو في حقه، وتم حفظ المحضر لعدم كفاية الأدلة، وخلال هذا العام لم يتم إثارة القضية في الإعلام مثلما يحدث الآن، وأصدر المحامي العام قرار بحفظ القضية.
 
·       تظلم للنائب العام للمرة الثالثة
توجه محامي الطفل للقاهرة وتظلم أمام غرفة المشورة باستئناف محكمة إيتاي البارود، التابعة لمحافظة البحيرة، رغم حفظ القضية من قبل كيل النائب العام، وتم نظر مذكرة الدفاع لتصدر الغرفة قراراها بإلغاء قرار حفظ القضية، حيث تم إحالتها للنيابة العامة لإحالتها لمحكمة الجنايات، وتم توصيف القضية من قبل النيابة بناءا على غرفة المشورة بهتك عرض بدون قوة أو تهديد.
 
وتحدث دفاع المشكو في حقه بأن القرار بفتح القضية، لم يستند على أدلة جديدة بعد قرار الحفظ، وبعد قرر الطب الشرعي، وأيضا تفريغ الكاميرات، ولكن الأمر متروك للقضاء، وعبروا عن أسفهم للحملة على مواقع التواصل الاجتماعي التي لا تتحري الدقة فيما ينشر، ويتم نشر أمور غير دقيقة، مثل الإشارة ان احدى المرات تم الاعتداء على الطفل في سيارة بجراج، علما أن الجراج في ارض فضاء ومفتوح ودائمًا حالة دخول وخروج للسيارات وجميع غرف المدرسة ترى هذا الجراج، مما يعنى اذا حدث دخول وخروج الطفل سيتم ملاحظة ذلك، فضلا عن وجود أمن خارج بوابة المدرسة لا يسمح بخروج الأطفال الإ في مواعيد محددة عند انتهاء اليوم الدارسي.
كما تم نفي ما يتداول عن تقديم مبالغ مالية أو ذهب للأسرة للتنازل والتصالح، حيث ان القضية تم حفظها وانتهت فكيف يتم تقديم مبالغ مالية وكأنه نوع من الإثبات حول حدوث الواقعة، وأيضا المشكو في حقه شخص بسيط يبلغ من العمر 80 عامًا ومريض بالقلب والضغط وهو يعمل من أجل " لقمة عيشه" فهل يعقل أنه يملك هذه المبالغ التي تتداول على مواقع التواصل الاجتماعي.
 
كما عبروا عن حزنهم لمحاولة الزج باسم الكنيسة أو تشوية مدارس الأقباط دون سند، لاسيما أن الأمر أمام القضاء، ولم يتم إدانة المتهم وهو ما يعنى تدخل في حق القضاء قبل عقد الجلسة، مؤكدين على ثقتهم في إظهار العدل، وأن الكنيسة أو أي شخص لا يتستر على أي شخص يمس بالأطفال أو يخالف القانون، لاسيما ان المتهم يعمل منذ 15 عامًا بمشروعات وأماكن كثيرة لم يتم إدانته من قبل أو يشكو أحد في حقه، مطالبين بصناعة السلام وترك الكلمة للقضاء لتحقيق القانون والعدالة، مؤكدين حرصهم على مصلحة الأطفال قبل أي شيء وأنهم لن يتستروا على شخص قد يهدد الجميع وأطفالهم اذا ما كانت هناك واقعة حدثت بالفعل.
 
·       صفحات تحريضية
منذ تفجير قضية الطفل " يس" والذى تعد دون شك مؤلمة لاسيما بعد ما قدمه مسلسل " لام شمسية" لكشف العنف الجنسي او الانتهاك الجنسي للأطفال، وتحولت القضية لترند وسائل الاعلام والسوشيال ميديا، وهو أمر طبيعي وأنساني لدعم الطفل ورفض المساس بأى طفل وهو شعور لا يختلف أحد عليه، ولا يقبل أحد أن يعيش أطفاله هذه التجربة، ولكن الأمر خرج عن إطار القضية التي مازالت قيد البحث بالقضاء، إلى اتهامات وتحريض على العنف والكراهية ضد الآخر، وتصدرت صفحات مشبوهة ومعروفة بهذا السلوك طوال الوقت لتقود حملة على أساس ديني، ضد المدارس القبطية أو الكنيسة دون النظر أو مجرد البحث على محرك البحث " جوجل" لكشف وقائع مماثلة وقعت في أماكن عدة منها مدارس خاصة وحكومية بل وأماكن تابعة لدور العبادة، بل داخل الأسرة الواحدة ومن اقرب الأقرب للأطفال، وحملت هذه الصفحات هدف إشعال الأوضاع مثل رفض دخول المسلمين لمدارس الأقباط، أو تعتيم الكنيسة على الحادث.

وتحولت الحادثة من هدف لدعم الطفل " يس" ورد حقه أي أن كان الجاني، إلى اشتباكات دينية، ما بين هذا وذاك وأطراف مهاجمة وأخرى مدافعة أساسها الدين، وكأن الدين مسئول عن هذه السلوكيات المشينة الإجرامية، علما أنه قد يرتكبها رجل الدين نفسه في أي دين، وأنها متعلقة بالتربية والظروف النفسية والمرضية أو تعاطي المخدرات، وبدل من دعم الطفل ومساندته، والعمل على مناقشة تكرار هذه الجرائم، تحولت الصفحات العدائية لمصر لتفتح النيران على الكنيسة التي يتوقف دورها فقط على الإشراف المالي، علما أن مدارس الأقباط مشهود لها منذ التاريخ، حتى وأن ثبتت الواقعة فلا يعنى انهيار لكل المدارسن فإطلاق الأحكام المسبقة جريمة بكل المقاييس قد تعيق عمل القضاء وتؤثر عليه، ولكن الثقة في القضاء المصري كبيرة لانهاء هذا الملف بما يحقق العدل للجميع ويكشف الحقائق.
 
وفى نهاية هذا التقرير يجب أن نتسلح بسلاح العقل والحكمة والسلام، لأجل وطن كبير يحمل الكثير من المحن الأن في ظل ما يحدث بالمنطقة والدول المجاورة، وعلينا تبنى وتحري الدقة دون التحريض، ونشر مناخ الكراهية فيجب النظر للحادث في مكانه وزمانه، والتأكيد أن جميع الأديان والقيم الإنسانية ترفض أي سلوك غير إنساني، ولا يمكن التستر عليه.
 
·       دعم الطفل
وفى النهاية نناشد كافة المنظمات المعنية بالطفولة، بأهمية تقديم الدعم النفسي للطفل " يس" وهو الأهم الأن، وعقد جلسات نفسية معه ومتابعة حالته ومتابعة كل من تعرض لمثل هذه الأحدث مثل الطفلة التي تعرضت للاغتصاب بحمام بالعاشر من رمضان.

الجدير بالذكر أن محكمة جنايات إيتاى البارود بالبحيرة تنظر غدًا أولى جلسات قضية الطفل " يس"، بعد فتح القضية مرة أخري.