محرر الأقباط متحدون
زيارة وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر ونظيرها النمساوي غيرهارد كارنر إلى دمشق أمس تحمل دلالات سياسية وأمنية لافتة، ليس فقط لكونها الأولى من نوعها منذ سنوات، بل لأنها تأتي في توقيت دقيق يشهد فيه الملف السوري تحركات أوروبية محسوبة في ظل واقع معقّد داخليًا وإقليميًا.

اللافت أن المحادثات ركزت بشكل صريح على مسألة “ترحيل المجرمين والمتطرفين” وتسريع عودتهم إلى سوريا، في خطوة توحي بأن ألمانيا والنمسا تحاولان التوفيق بين الضغوط الداخلية بشأن الهجرة وبين التزامات حقوق الإنسان والواقع الإنساني الصعب في سوريا.

في المقابل، حرصت دمشق على إظهار الاستعداد للتعاون عبر تقديم تسهيلات في إصدار الوثائق وتأكيد الجاهزية لاستقبال العائدين، ضمن مساعٍ أوسع لإعادة الانفتاح مع الغرب بعد سنوات من العزلة.

ما يثير الانتباه أيضًا هو تباين المواقف بين برلين وفيينا؛ ففيما تسعى النمسا إلى إعادة أكبر عدد ممكن من اللاجئين، تبدو ألمانيا أكثر تحفظًا مع تركيزها على المجرمين والمتطرفين، مع إبقاء الباب مفتوحًا أمام من اندمجوا بنجاح.

هذه التحركات تعكس واقعًا معقدًا يحيط بملف اللاجئين، إذ تتداخل فيه اعتبارات الأمن، والسياسة الداخلية الأوروبية، والأوضاع الميدانية السورية، وسط تساؤلات عمّا إذا كانت هذه الزيارات تمهيدًا لتحولات أوسع في سياسة أوروبا تجاه سوريا، أم مجرّد محاولات جزئية لاحتواء ملف شائك يصعب حله بالقرارات المنفردة.