محرر الأقباط متحدون
في تصعيد خطير وغير مسبوق منذ أكثر من 25 عامًا، تقف الهند وباكستان — وهما من أكبر القوى النووية في العالم — على حافة مواجهة عسكرية شاملة قد تشعل فتيل أول حرب نووية في العصر الحديث، وتهدد بكارثة عالمية قد تغيّر وجه الكوكب لعقود.

بدأت شرارة الأزمة الدامية يوم 22 أبريل، حينما تحولت رحلة سياحية هادئة لعائلات هندية في وادي “بيساران” بمنطقة كشمير المتنازع عليها، إلى مجزرة دموية بعدما أطلق أربعة مسلحين باكستانيين يرتدون زيًا عسكريًا النار على المدنيين الهنود ، ما أسفر عن مقتل 26 شخصًا بينهم نساء وأطفال.

ورغم إعلان جماعة محلية تُدعى “جبهة المقاومة” مسؤوليتها عن الهجوم، إلا أن الحكومة الهندية رفضت الرواية واتهمت جماعة “لشكر طيبة” الباكستانية بتنفيذ الهجوم بدعم مباشر من السلطات الباكستانية.

رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، قطع زيارته الرسمية إلى السعودية وعاد على الفور للهند لمتابعة الموقف.

 ومع عودته، دخلت الأزمة في منعطف خطير حينما اتخذت الحكومة الهندية سلسلة قرارات عقابية شديدة اللهجة، بدأت بتعليق معاهدة مياه نهر السند الموقعة بين البلدين منذ 1960، وهو تطور غير مسبوق في تاريخ النزاع، لما يشكله من تهديد مباشر للأمن المائي والغذائي الباكستاني.

لم تكتف الهند بذلك، بل أغلقت الحدود البرية، ألغت تأشيرات الباكستانيين، وطلبت مغادرة كل الرعايا والدبلوماسيين الباكستانيين خلال 48 ساعة، ما أدى إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بالكامل، وهو مؤشر تقليدي يسبق عادة اندلاع الحروب الكبرى.

على الجهة المقابلة، ردت باكستان بإغلاق مجالها الجوي أمام الطيران الهندي، وتعليق التجارة بجميع أشكالها، بما في ذلك غير المباشرة، وأعلنت إلغاء اتفاقية “شيملا” للسلام، التي تمنع التصعيد العسكري المباشر على خط التماس في كشمير. والأخطر من ذلك، أكدت إسلام آباد أن أي محاولة هندية لتحويل مجرى نهر السند ستُعتبر “إعلان حرب رسمي”.

المشكلة أن هذه الأزمة تقع في واحدة من أخطر بؤر النزاع في العالم منذ استقلال الهند وباكستان عام 1947. واليوم، تمتلك الهند نحو 160 رأسًا نوويًا، فيما تملك باكستان 170، مما يعني أن أي مواجهة قد تتطور خلال ساعات إلى كارثة نووية ستترك آثارها لعقود، ليس فقط في المنطقة، بل على كوكب الأرض بأسره.

وتتعقد الأمور أكثر بدخول تحالفات دولية على خط الأزمة، إذ تحظى الهند بدعم أمريكي واضح، بينما تُعد باكستان حليفًا استراتيجيًا للصين، في معادلة جيوسياسية خطيرة قد تشعل صراعًا إقليميًا سرعان ما يتحول إلى حرب عالمية ثالثة.

المقلق أكثر أن المجتمع الدولي لم يتحرك حتى الآن بجدية لاحتواء الأزمة، وسط تصعيد غير مسبوق على منصات الإعلام في كلا البلدين، وتحريض شعبوي متبادل بين الشعوب.

وفي وقت يتأرجح فيه العالم أصلًا فوق حافة حرب اقتصادية طاحنة بين الصين والولايات المتحدة، يبدو أن فتيل الحرب النووية في جنوب آسيا قد اشتعل بالفعل، ولا يحتاج سوى “طلقة واحدة” ليحرق كل شيء.

وفي ظل استمرار تحشيد القوات، وتصاعد لهجة التصعيد من البلدين، تبقى كشمير أخطر بؤرة اشتعال على وجه الأرض، بينما يترقب العالم بتوجس لحظة الانفجار، التي قد لا تبقي ولا تذر.