بقلم : مينا ملاك عازر
بات من المعتاد أن نشتم رائحة الدماء، باتت رائحة الدم تزكم الأنوف، لون الدم هو اللون الشائع في كل مكان، لا أدعوك للاكتئاب، ولكن أدعوك لأن تعرف أننا في ظل عصر دموي، حكم يسفك حكامه الدماء كما يتنفسون، فلم يهزهم موت أكثر من عشرين مجند أمن مركزي على قضبان السكة الحديد وتحت عجلات القطار، لا يزعجهم أن يقتل أولائك ويرون أن الاهتمام الإعلامي اهتمام مبالغ فيه، لا يهمني ولا يعنيني أن يذهب الدكتور مرسي مندوب الإخوان بقصر الرياسة ولا حتى أن يذهب المرشد ولا الشاطر لزيارة المصابين اللذين زاد عددهم عن المئة وعشرين مصاباً، فزياراتهم لا ولن تقدم ولا ولن تؤخر، ولن تعبر عن اهتمام حقيقي نابع من داخلهم، ما يهمني أن حججهم فيما حدث أنه إرث مبارك، وأن الفلول هم من فعلوها، ويستندون في بجاحة لا حد لها على سرعة تصوير قناة ما للحادث فيما يعني أنه مدبر، ولم يقولوا لنا أولائك الحمقى من مدبر الحادثة؟ هل السائق الذي يقود القطار انتحاري؟ أم القضبان التي يسير عليها القطار؟ أم الجنود الراكبين للقطار هم من فعلوا هكذا؟
يا ليتكم تتعلموا فضيلة الصمت، فلعل صمتكم أرحم من كلامكم، البلد يسفك على أرضها الدماء كل يوم، ولكن هذا لا يهم، ما دامت كراسيكم مستقرة على أرض صلدة، ولكن من أدراكم ألا يمكن أن تكون تلك الدماء هي وقود الثورة الجديدة التي تشتعل فيكم، وتنظف البلد من إرث مبارك وعلى من يبق على ذلك الإرث دون التخلص منه، أوتظنون أن إرث مبارك هو الذي قتل الجنود وأصابهم، ولاتعتقدون أنه نفس الإرث الذي ادعى كذباً وزوراً وبهتاناً أن عشرة من الصيادين قد تم إنقاذهم فتوقفت جهود اغاثتهم واى محاولة للبحث عنهم وعن جثثهم، ثم تبين أنها أوهام الحكام، تلك الأوهام التي يعيشها كل فاشل يجلس على كرسي حكم ببلدنا المنكوبة في حكامها.
يا سادة لم يترك مبارك فقط تركة الفشل هذه، ولكنه أيضاً خلفكم وراءه في صفقته معكم، فيما يشبه عقاباً لنا على إطاحتنا به، فسلم لكم البلد ليعلمنا الأدب، لكن هيهات سنعلمكم ونعلمه أننا قادرين على إنقاذ البلد.
وصدقوني ليس فقط الدماء التي تراق على الأرض وإنما هيبة وكرامة القضاء والقضاة في كل يوم يستمر النائب العام الخاص في منصبه لإرضاء المرشد الذي عينه، وفي كل حكم يصدر في غير مصلحة الشعب، وفي كل مرة تتراخى محكمة عن حل مجلس الشورى الباطل وحل التأسيسية الباطلة، ليست الدماء المراقة على الأرض فقط هي المهدرة، وإنما أيضاً الدماء المحروقة داخل شرايننا هي أيضاً المهدرة بسبب إفك وجبروت وفجر أولائك المتحكمين بمصير بلد أكبر منهم لمصلحة بلد لا تزد عن كونها دُويلة صغيرة تعوم على بحر بترول وغاز طبيعي وعلى أرضها قاعدة أمريكية.
المختصر المفيد يسقط حكم السفاحين.