محرر الأقباط متحدون
تصادف خلال هذه السنة اليوبيلية الذكرى المئوية السابعة عشرة لانعقاد مجمع نيقيا في العام ٣٢٥ ميلادي، والذي كان أول مجمع مسكوني في تاريخ الكنيسة. للمناسبة كتب مدير التحرير في دائرة التواصل الفاتيكانية أندريا تورنيلي مقالاً افتتاحياً أكد فيه أن هذا الحدث ما يزال آنيا، متوقفاً عند الوثيقة التي أصدرتها لهذه المناسبة اللجنة اللاهوتية الدولية.
كتب تورنيلّي أن العودة إلى مجمع نيقيا بعد ألف وسبعمائة سنة على انعقاده، لاسيما خلال السنة المقدسة ٢٠٢٥، تعني قبل كل شيء أن نعيد اكتشاف أنفسنا كأخوة مع جميع المسيحيين حول العالم، خصوصا وأن إعلان الإيمان الصادر عن ذلك المجمع حظي بقبول الكنائس المسيحية كافة: الكاثوليكية والأرثوذكسية، فضلا عن الجماعات الكنسية التي نشأت من الإصلاح البروتستنتي. وهذا الاحتفال يعني الالتقاء كأخوة حول ما هو جوهري لأن ما يوحدنا هو أقوى مما يفرقنا، إذ إننا نؤمن جميعاً بالله الثالوث، بالمسيح الإنسان الحق والإله الحق، بالخلاص في المسيح يسوع، بالأسفار المقدسة المقروءة ضمن الكنيسة وبإرشاد من الروح القدس، كما نؤمن جميعاً بالكنيسة، بالمعمودية، بقيامة الأموات وبالحياة الأبدية. وهذا ما تتمحور حوله الوثيقة التي نشرتها مؤخراً اللجنة اللاهوتية الدولية إحياء لهذه الذكرى تحت عنوان "يسوع المسيح، ابن الله، المخلص".
وذكّر تورنيلبي أنه من بين الأهداف التي وضعها أول مجمع مسكوني تحديد تاريخ مشترك للاحتفال بعيد الفصح، وهي مسألة كانت موضعاً للجدل في كنيسة القرون الأولى: إذ كانت بعض الجماعات تحتفل بالعيد مع الفصح اليهودي، وأخرى في الأحد التالي للفصح اليهودي. وقد حدد مجمع نيقيا موعداً لعيد الفصح في الأحد التالي لأول بدر ربيعي. لكن الوضع تغيّر في القرن السادس عشر مع إصلاح الروزنامة من قبل البابا غريغوريوس الثالث عشر. وقد اعتمدت الكنيسة في الغرب التقويم الغريغوري، فيما تمسكت الكنائس الشرقية بالتقويم اليولياني. ولفت المسؤول الفاتيكاني إلى أن هذه السنة ستحتفل جميع الكنائس المسيحية بعيد الفصح في اليوم نفسه، أي في العشرين من أبريل نيسان الجاري، معتبرا أن هذا الأمر يحمل بعدا نبوياً، ويشكل علامة للأمل في الاتفاق على تاريخ يقبل به الجميع.
بعدها توقف أندريا تورنيلّي عند موضوع آخر مرتبط بمجمع نيقيا ألا وهو ما سماه الكاردينال راتزينغر، البابا بندكتس السادس عشر، بـ"البدعة الأريوسية الجديدة"، أي صعوبة الاعتراف بألوهية الرب يسوع، كما يعلنها إيمان الكنيسة المسيحاني، وهذا يحصل عندما يُنظر إلى المسيح على أنه رجل عظيم، ثوري، ومعلم ممتاز لكن لا يُنظر إليه على أنه إله. وأضاف مدير التحرير في دائرة التواصل الفاتيكانية أن الوثيقة الصادرة عن اللجنة اللاهوتية الدولية حذرت من هذا الخطر ومن خطر آخر ألا وهو صعوبة الإقرار بكون المسيح إنساناً كاملاً، مع أن يسوع اختبر التعب والحزن والتخلي والغضب أيضا. لقد ابن الله أن يعيش إنسانيتنا إلى أقصى حد.
ختم أندريا تورنيلي مقاله الافتتاحي كاتباً أننا نجد في إنسانية يسوع، وفي تأثره إزاء معاناة الأشخاص الذين التقى بهم، وفي تلبيته مطالب الفقراء الذين لجأوا إليه، نجد في هذه الصفات انعكاساً لقوة ومعنى أن نكون كائنات بشرية، كما نرى فيها أيضا انعكاساً لقوة الألوهية التي قررت الانحناء علينا، لمرافقتنا ولمنحنا الخلاص.