الأقباط متحدون - الكلمات البنَّاءة (3)
أخر تحديث ١٩:٣٤ | الاثنين ١٤ يناير ٢٠١٣ | ٦ طوبة ١٧٢٩ ش | العدد ٣٠٠٥ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

الكلمات البنَّاءة (3)

بقلم: مدحت ناجي

(أرد- أفهّـِمك – أقنعك)..

عزيزي القاريء..
استكمالًا لأهمية استخدام الكلمات البناءة- وبعد معرفتنا للمدلولات غير الإيجابىة للكلمات (لكن- إذا- لابد- المفروض)- نضيف إلى رصيد الكلمات التي نود أن نتحفَّظ على استخدامها، وهي كلمة (أرد)..
 
هل سبق لكَ عزيزي القاريء أن أدليت برأيك في اجتماع ما، وإذ بشخص آخر يُعقب قائلًا: (أنا سأرد على فلان..).. أتدري ما هو شعورك بعد عبارته هذه؟
أتصور أنك ستنفعل، وتعتقد أن الشخص الآخر غير مقتنع بفكرتك ويشكك في قدراتك، وبالتالي غير مقتنع بشخصك، مما يدفعك لأن ترد عليه بالتبعية لتدافع لا عن وجهة نظرك فحسب، بل عن شخصك وكيانك، وسيرد هو بدوره بالتبعية... وهكذا!
 
 وهذا قد يحدث تقريبًا على كافة المستويات، ويجعل الوسط غير مناسب سواء للعمل أو للاجتماعات، أما التنمية البشرية، فتعطينا مستوى أجمل وأرقى في الكلمات، فبدلا من أن أقول (أنا سأرد على فلان).. دعنا نقول:
(لي وجهة نظر أود أن أطرحها) أو (لديَّ رأي أود تقديمه للاجتماع) أو (لديَّ رؤية تدعم موضوعنا)... وهذا من شأنه أن يبعدنا عن أي نوع من المشاحنات سواء المعلَنة أو غير المعلَنة... ويُعطي الجميع شعورًا بأن هناك نوعًا من التآلف والتكامل والارتياح بين الأعضاء... وهذا ينطبق على كافة الاجتماعات سواء في العمل أو مع الأسرة...
 
عزيزي القاريء..
هل سبق لكَ وأنت تتحدث مع شخص ما أن قلت له (أنا سأفهّـمِك...) سواء بسلامة نية أو ببساطة؟ غالبًا ستكون الإيجابة بالإيجاب.
وهنا دعني أشير إلى الرسائل السريعة التي وصلت للطرف الآخر من قولك هذه الكلمة (أفهّـِمك)..
- أنك تفهم جيدًا.
- الشخص الآخر ليس لديه القدرة الكافية للفهم.
- أنك ستكون في وضع المعلم بالنسبة له.
 
وبالتأكيد فإن هذه الرسائل لن تريح الطرف الآخر، والواقع يُخبرنا بأني لو تحدثت بهذه الكلمة (أفهّـِمك) مع شخص ما، فإذا كانت مكانته أعلى مني أو مساوية لي فسيقول لي: "كيف تسمح لنفسك بأن تقول لى مثل هذه الكلمة"؟!!
أما لو كانت مكانته ليست مثلي (أقل)، فقد يقول في داخله: "قل ما تشاء، فلن أفعل سوى ما أراه؛ لأني أفهم أكثر منك، وأرى ما لا تراه أنت."
لذا دعونا بدلاً من أن نقول: (أفهّـِمك) لشخص ما، لنقل: (هل رؤيتي وصلت) أو (اسمح لي أن أوضح وجهة نظري بشكل أعمق أو بشكل آخر)، فهذا بالتأكيد سيُعطي الآخر انطباعًا جميلًا بالتفاهم المشترك.. ومراعاة كل منا لمشاعر للآخر..
وقبل أن أختم نقطة الكلمات البناءة، أرجو منك - عزيزي القاريء – أن تصحح العبارة الآتية:
(أنا سأقنعك بوجهة نظري)..
تأمل من فضلك كلمة (أقنعك)، فستجد أنها محاولة للضغط على الآخر؛ لقبول رأي قد لا يكون مستحسنه أو عمل لا يوافق عليه..، ومع كثرة الإلحاح قد يقبل، وهو غير مقتنع، فالفرق شاسع بين (الإقناع) و(الاقتناع).. فالأول: (الإقناع) هو نوع من الإرغام، أما الثاني، (الاقتناع)، فهو نوع من الرضا الداخلي الذي يُولد ارتياحًا؛ لأنه يكون بتقبل شخصي وقناعة شخصية.
 
إذًا، فبدلًا من قولنا: (أنا سأقنعك بوجهة نظري..) ليتنا نقول: (نحن نود أن نصل لقناعة مشتركة)..
لذا دعونا أن نؤكد على أهمية الكلمات البنَّاءة لما لها من تأثير مباشر وغير مباشر على معنويات الآخرين وردود أفعالهم، عالمين أن:
الكلمات تحتاج منا إلى مجهود بسيط، وتأثيرها يكون عظيمًا.. وهي تُحسب علينا حتى وإن اعتذرنا عنها.. وللتواصل الفعَّال بقية...

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter