حمدي رزق
فى لعبة «عض الأصابع»، خصمان يضع كلٌّ منهما إصبعه بفم الآخر، وكلاهما يعض ما استطاع، حتى يتخارج أحدهما من قسوة الألم.. يسلم مهزومًا.

عض الأصابع، لعبة من زمن مضى، كانت حدة وقوة الأسنان سلاحًا، وتتطلب طول النفس، والقدرة على الاحتمال، عادة ما يتم كسر الخصوم بإخفاء الألم!

عجيب أمرهم، الألم إذا يظهر مُغر بالعض المفرط، يتحول العضاض إلى وحش كاسر يثير شهيته مذاق الدماء تسيل على شدقيه، مهم الاحتفاظ بالهدوء رغم ضراوة العض وقسوة الألم، مع الاحتفاظ بحق العض، حق الرد، ومن يتحمل العض أطول يكسب خصمه أسرع، ويحبطه، ويكسره نفسيًا.

الطريقة المجربة، تحمل العض والعض المضاد، طريقًا لكسر الخصم، ما بين إسرائيل وحماس نموذج ومثال للعبة «عض الأصابع»، كلاهما يتحمل العض ليكسر إرادة خصمه، من يصرخ أولًا يستسلم لمشيئة عدوه أخيرًا.

وكلاهما يضع أصبعه فى فم الآخر، ويعض.. من يصرخ أولًا يصير مهزومًا.. وهما لا يصرخان بل يكابران، من يصرخ ويستصرخ الضمائر الحية هم الأبرياء فى عراء غزة.. وعائلات الأسرى البكائين يفترشون الشوارع قبالة منزل نتنياهو فى «قيساريا».

فى سياق اللعبة الدموية، بغطرسة لا تفارقه، يتحدث «بنيامين نتنياهو»، رئيس وزراء إسرائيل، بعد قصف غزة مجددًا «هذه مجرد بداية من الآن فصاعدًا، ستضرب إسرائيل غزة بوحشية متزايدة، والمفاوضات لن تتم إلا تحت النار».

الأحمق فى هذه الحلبة الدموية من يعض أصابعه دون أن يدرى أيها يعض، نتنياهو وهو يطحن عظام الأبرياء العزل فى عراء غزة بوحشية يعض أصبعه بغباء، وأصبعه فعليًا تحت ضرس حماس، أسراه فى غيابات الجب الحمساوى، كيف تعض وأصبعك فى فم عدوك؟!

بالسوابق، القصف المفرط لم يحرر الأسرى، يقتل الأسرى، العض لا يوفر حلًا، حماس تمرست على تحمل العض، لا تصرخ عادة، فقدت الإحساس بالألم من قسوة العض، وإطلاق الأسرى سابقًا جرى بعيدًا عن عض الأصابع، ليس بالحرب كما يحلم نتنياهو، لكن بإيقاف العض (الحرب)، وإنهاء الاحتلال، وحل الدولتين على حدود الرابع من يونيو ١٩٦٧، الوصفة المصرية (البديل المصرى النموذجى).

حماس هى الأخرى لاتزال تحتفظ ببعض ضروسها، لن تسلم الأسرى أحياء بالمجان ولو تحت وطأة القصف، الأسرى ورقتها الأخيرة، لن تلقيها هكذا مكافأة لعدو عضاض، إذا سلمت الأسرى تسلم بالمكتوب فى الورقة الأمريكية، وترفع المنديل الأبيض، وتتسول من الوسطاء تاليًا عفوًا عن قياديها حذر الاغتيال أو الترحيل.

دون مكابرة، استمرارية لعبة عض الأصابع تكلف مزيدًا من دماء الأبرياء، حماس فى مراحل اللعبة الأخيرة، فقدت منعتها وقوتها وداعميها، جبهة الإسناد تضعضعت، أصبعها تحت ضرس نتنياهو، تحت القصف المفرط، هل تتحمل حماس قسوة العض الإسرائيلى بعد عودة العضاض المتوحش «إيتمار بن غفير» إلى حكومة الحرب؟!

الرد الحمساوى العض بالأسنان على ورقة الأسرى، تعض عليها بالنواجذ، دونها كما يقولون «خَرْطُ القَتاد»، وهو تعبير اصطلاحى مبنى على المجاز، كناية عن الشىء لا يُناله نتنياهو إلا بمشقَّة وكلفة من حيوات أسراه.

لسان حال حماس وأصبعها تحت ضرس نتنياهو، عليه أن يدفع الثمن أولًا، لا يبين حتى ساعته الرد الحمساوى على الأرض، فحسب تصريحات فضائية تشبه العض، والسؤال: كيف ومتى وأين سيكون الرد الحمساوى.. أقصد العض المضاد؟!
نقلا عن المصري اليوم