د. أشرف ناجح إبراهيم عبد الملاك

مُقدّمةٌ
لقد احتلّ القدّيس يوسف –البتول والعفيف والعامل والصالح والبار والصامت وعروس القدّيسة مريم العذراء والأب الحاضن والحارس ليسوع المسيح– مكانةً بارزة في التعليم الرسميّ لباباوات الكنسية الكاثوليكيّة، ولا سيّما في الفترة  الواقعة ما بين المجمعين المسكونين الأخيرين حتّى يومنا هذا. والغاية التي نرمي إليها هي تقديم لمحة سريعة عن أفعال وتعليم باباوات الكنيسة حول يوسف الناصريّ، ولا سيّما في القرنين الأخيرين من الألفيّة الثانية، أيْ في الفترة الممتدة ما بين المجمع المسكونيّ الفاتيكانيّ الأوّل (1869-1870) والمجمع المسكونيّ الفاتيكانيّ الثّاني (1962-1965).

أوّلًا: البابا بيوس التّاسع (المتنيّح في 7 فبراير/شباط 1878)
لعب البابا بيوس التاسع دورًا حاسمًا جدًّا في ما يتعلّق بالتعليم الرسميّ للكنيسة الكاثوليكيّة حول القدّيس يوسف النجَّار.وعلاوةً على أمور كثيرة، قام قداسة البابا، في 8 ديسمبر/كانون الأول 1870، من خلال مرسوم "المدينة والعالم"  (Urbi et orbi)لـ"مجمع الطقوس"، بإعطاء طابع رسميّ لاحتفال المؤمنين بنجَّار الناصرة. وعلى هذا النحو، فقد أعلن رسميًّا القدّيسَ يوسف "شفيعًا للكنيسة الجامعة"؛ ومن ثمّ، فقد أقام عيده بطقس خاصّ في يوم 19 مارس/آذار، على كونه عروس مريم العذراء.

ثانيًا: البابا لاون الثّالث عشر (المتنيّح في 20 يوليو/تموز 1903)
كرّس البابا لاون الثالث عشر، في السَّنة الثانية عشرة من حبريّته (في 15 أغسطس/آب 1889)، عبر رسالته العامّةQuamquamPluries ("على الرغم من عدّة مرات" أو "ومع ذلك في كثير من الأحيان")، شهر مارس/آذار للقدّيس يوسف البتول والعفيف.

ثالثًا: البابا بيوس العاشر (المتنيّح في 20 أغسطس/آب 1914)
نقل البابا بيوس العاشر العيد المتعلّق بكون القدّيس يوسف شفيعًا للكنيسة الجامعة من الأحد الثالث بعد عيد الفصح إلى يوم الأربعاء بعد الأحد الثالث لعيد الفصح (أي الأربعاء الثالث بعد عيد الفصح).

رابعًا: البابا بِنِديكْتُس الخامس عشر (المتنيّح في 22 يناير/كانون الثاني 1922)
في يوم 25 يوليو/تموز 1920، بمناسبة الاحتفال بالذكرى الخمسين لإعلان نجَّار الناصرة كشفيع جامعيّ للكنيسة، نشر البابا بِنِديكْتُس الخامس عشر "براءة بابويّة" بعنوان"كان أمرًا جيّدًا وصحيًّا" (Bonum sane)، وقد تناول فيها مسألة إكرام القدّيس يوسف.

خامسًا: البابا بيوس الثّاني عشر (المتنيّح في 9 أكتوبر/تشرين الأول 1958)
في عام 1955، كتقدير للعيد المدنيّ للعمل، جعل البابا بيوس الثّاني عشر القدّيسَ يوسف الحرفيّ والعامل ("النجَّار") "شفيعًا للعمّال" ونَمُوَذَجًا لهم؛ وهو ما نتذكّره ونحتفل به في الأوّل من مايو/أيار من كلّ عام. وقد نقل قداسته أيضًا العيد المتعلّق بكون القدّيس يوسف شفيعًا للكنيسة الجامعة من الأربعاء الثالث بعد عيد الفصح إلى هذا اليوم، أيْ إلى الأوّل من مايو/أيار من كلّ عام.

سادسًا: البابا يُوحنَّا الثّالث والعشرون (المتنيّح في 3 يونيو/حزيران 1963)
كان أوّل فعل قام بهالبابا يُوحنَّا الثّالث والعشرون هو وضع جميع أنشطة وأعمال المجمع المسكونيّ الفاتيكانيّ الثاني (1962-1965) تحت حماية القدّيس يوسف الأبويّة، في 19 مارس/آذار 1961، بواسطة الرسالة الرسوليّة "الأصوات(Le voci). وأمّا في 12 أكتوبر/تشرين الأول 1962، قام قداسة البابا بمحاولة إدخال اسم القدّيس يوسف في قانون القداس الإلهيّ. فقرّر "مجمع الطقوس" المقدّس، عبر أحد مراسيمه (في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 1962)، وبموجب إرادة الحبر الأعظم، أن يُضاف اسم الطوباويّ يوسف–عروس مريم العذراء– ضمن قائمة رسل وشهداء ربّنا يسوع المسيح الطوباويّين الذين يُذكرون في القداس اللّاتينيّ.

سابعًا: البابا بُولس السّادس  (المتنيّح في 6 أغسطس/آب 1978)
أشاد البابا بُولس السّادس بشخصيّة القدّيس يوسف البتول وفضائله العديدة في عظته بمناسبة عيد البطريرك القدّيس، في 27 مارس/آذار 1969، داعيًا المؤمنين إلى التوجّه بلا انقطاع إلى شفاعته القويّة كراعٍ وشفيع وحامي للكنيسة في حجّها الأرضيّ.

ثامنًا: البابا يُوحنَّا بولس الثّاني (المتنيّح في 2 أبريل/نيسان 2005)
في ما يتعلّق بتعليم القدّيس يُوحنَّا بولس الثّاني حول عروس القدّيسة مريم العذراء، ينبغي علينا ملاحظة أنّه قد اختصرها كلّها في إرشاده الرسوليّ "حارس الفادي" (RedemptorisCustos)، الذي صدر في 15 أغسطس/آب 1989. وبإيجازٍ شديد، أراد قداسة البابا من خلال هذا الإرشاد الرسوليّ إلقاء الضوء على شخصيّة يوسف الناصريّ ورسالته في حياة المسيح والكنيسة.

تاسعًا: البابا بِنِديكْتُس السّادس عشر (المتنيّح في31 ديسمبر/كانون الأول 2022)
علاوةً على عظاته العديدة حول عروس مريم العذراء وشفيع الكنيسة الجامعة، تجدر الإشارة هنا إلى أنّ البابا بِنِديكْتُس السّادس عشر قد أولى اهتمامًا كبيرًا للقدّيس يوسف أثناء "الصلاة الملائكيّة"، في يوم 19 مارس/آذار 2006.

عاشرًا: البابا فرنسيس (البابا الحاليّ منذ 13 مارس/آذار 2013)
في يوم 8 ديسمبر/كانون الأول 2020، في السَّنة الثامنة من حبريّته، تناول البابا فرنسيس شخصيّة القدّيس يوسف وحياته ورسالته بنوع من الإسهاب، في رسالته الرسوليّة "بقلب أبويٍّ". وعلاوةً على ذلك،صرّح قداسة البابا، في يوم 8 ديسمبر/كانون الأول2020 (أثناء الاحتفال بعيد الحبل بلا دنس للقدّيسة مريم العذراء)، بأنّه من الملائم إعلان سَنة طقسيّة يوبيليّة لإكرام القدّيس يوسف، بمناسبة الذكرى الـ 150 لإعلان البابا بيوس التاسع له شفيعًا للكنيسة الجامعة.وهذه "السَّنة اليوسفيّة" قد خُتِمت رسميًّا في يوم 8 ديسمبر/كانون الأول 2021.
 
خُلاصةٌ
في نهاية المطاف،إذا رغبنا في البحث عن الدافع الكامن وراء موقفباباواتالكنسية الكاثوليكيّة المبجّل لنجَّار الناصرة، سنجد أنّه يكمن في الدور الجوهريّ والحيويّ الذي لعبه هذا القدّيس العظيم الصامت–بجوار يسوع المسيح ومريم العذراء– في تاريخ الخلاص برمّته، وفقًا لتدبير الحبّ الأبدي والرحيم من لَدُن الله تجاه البشر.

abouna.org/article/%D8%A8%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D9%88%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%86%D9%8A%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A7%D8%AB%D9%88%D9%84%D9%8A%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%AF%D9%8A%D8%B3-%D9%8A%D9%88%D8%B3%D9%81-1][https://abouna.org/article/%D8%A8%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D9%88%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%86%D9%8A%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A7%D8%AB%D9%88%D9%84%D9%8A%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%AF%D9%8A%D8%B3-%D9%8A%D9%88%D8%B3%D9%81-1]

[https://www.abouna.org/article/%D8%A8%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D9%88%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%86%D9%8A%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A7%D8%AB%D9%88%D9%84%D9%8A%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%AF%D9%8A%D8%B3-%D9%8A%D9%88%D8%B3%D9%81-2]

لمحةٌ عن الأفعال والتّعاليم الحبريّة بشأن القدّيس يوسف