محرر الأقباط متحدون
كتب مدير التحرير في دائرة التواصل الفاتيكانية أندريا تورنييلي مقالاً افتتاحياً هذا السبت بعنوان "إعادة التسلح والمظلة النووية: الكلمة للبابا فرنسيس" تساءل فيه كيف يمكننا اقتراح السلام إذا استخدمنا باستمرار ترهيب الحرب النووية كملاذ مشروع لحل النزاعات.
كتب تورنييلي أن رياح الحرب وإعادة التسلح باستخدام استثمارات هائلة ومقترحات لإحياء الأسلحة الذرية هي مسائل تستأهل اهتماماً لاسيما إذا ما نظرنا إلى الطريقة التي يتم بها عرض سباق التسلح في أوروبا والعالم، كما لو كان الاحتمال الوحيد القابل للتطبيق. وأضاف المسؤول الفاتيكاني أنه بعد سنوات ظلت فيها الدبلوماسية صامتة وتغيبت القدرة على التفاوض، يبدو أن السبيل الوحيد للمضي قدما هو إعادة التسلح، مشيرا إلى أن الحديث مجدداً عن "المظلة النووية" و"الردع" يعيد إلى الأذهان أسوأ سيناريوهات الحرب الباردة ولكن يحصل هذا اليوم في مناخ من عدم الاستقرار وعدم اليقين مقارنة بالقرن الماضي، في وقت تلوح فيه في الأفق حرب عالمية ثالثة.
تابع تورنييلي يقول إن البابا فرنسيس رأى هذا الخطر يقترب منذ سنوات لافتا إلى أن كلماته مفيدة لفهم اللحظة التي نعيش فيها. وشدد في هذا السياق على ضرورة أن يصغي العالم إلى صوت البابا الذي، ومن مستشفى جيميلي، يقدم معاناته وصلواته من أجل السلام في العالم. وذكّر المسؤول الفاتيكاني بأن البابا قال في تشرين الثاني نوفمبر ٢٠١٧ إن دوامة سباق التسلح لا تتوقف وإن تكاليف تحديث وتطوير الأسلحة تشكل حيزاً كبيراً من الإنفاق ما حمل الدول على التغاضي عن أولويات أخرى شأن مكافحة الفقر وتعزيز السلام وتنفيذ المشاريع التعليمية والإيكولوجية والصحية وتعزيز حقوق الإنسان.
بعدها ذكّر تورنيلي بكلمات البابا فرنسيس خلال زيارته إلى مدينة ناغازاكي اليابانية عام ٢٠١٩ عندما قال إن واحدة من أعمق رغبات قلب الإنسان هي الرغبة في السلام والاستقرار. وحيازة الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل ليست أفضل تجاوب على هذه الرغبة، ولفت فرنسيس إلى أن العالم اليوم يرغب في الدفاع عن الاستقرار والسلام وضمانهما على أساس أمن زائف تدعمه عقلية الخوف وعدم الثقة، والتي تنتهي بتسميم العلاقات بين الشعوب ومنع أي حوار ممكن. وأضاف الحبر الأعظم في تلك المناسبة أيضا أن السلام والاستقرار الدوليين لا يتوافقان مع أي محاولة للبناء على الخوف من التدمير المتبادل أو التهديد بالإبادة الكاملة، داعياً إلى صب الجهود على أسس أخلاقية عالمية من التضامن والتعاون.
وتوقف تورنييلي بعدها عند زيارة البابا إلى هيروشيما حيث قال إنه إذا أردنا حقا بناء مجتمع أكثر عدلا وأمانا، يجب أن نترك الأسلحة تسقط من أيدينا، لأن الأسلحة، كما قال البابا بولس السادس، تتطلب نفقات باهظة، وتوقف مشاريع التضامن والعمل المفيد، وتشوه نفسية الشعوب.
بعدها تساءل المسؤول الفاتيكاني كيف يمكننا اقتراح السلام إذا استخدمنا باستمرار ترهيب الحرب النووية كملاذ مشروع لحل النزاعات، وأضاف أن السلام الحقيقي لا يمكن إلا أن يكون سلاما غير مسلح، مضيفا في هذا السياق أن صوت البابا هو صوت أولئك الذين لا يسمع صوتهم والذين ينظرون بقلق إلى التوترات المتزايدة التي يشهدها عصرنا فضلا عن انعدام المساواة والظلم غير المقبول الذي يهدد التعايش البشري، والعجز الخطير عن رعاية بيتنا المشترك، واللجوء المستمر والمتقطع إلى الأسلحة، كما لو كان بإمكانها ضمان مستقبل السلام.
وختم تورنييلي مقاله مذكّراً بما قاله البابا خلال زيارته لهيروشيما عندما أكد أن الكنيسة الكاثوليكية ملتزمة في تعزيز السلام بين الشعوب والأمم وهو واجبها تجاه الله وتجاه جميع الرجال والنساء على هذه الأرض.