محرر الأقباط متحدون
افتتح رئيس مجلس أساقفة إيطاليا الكاردينال ماتيو زوبي أعمال المجلس الأسقفي الدائم وألقى كلمة عبّر فيها عن قرب الكنيسة الإيطالية من البابا فرنسيس، كما توجه إلى المؤمنين الكاثوليك مشجعاً إياهم على اتخاذ مبادرات ملموسة للحوار من أجل السلام وكي لا يسود منطق السلاح. وتوقف نيافته أيضا عند النزعات القومية معتبراً أنها تتعارض مع روح الإنجيل.
    
قال الكاردينال زوبي إن فكره وفكر الأساقفة الإيطاليين يتجهان في هذه الأيام نحو البابا فرنسيس الذي يتلقى العلاج في المستشفى منذ قرابة الشهر، كما أنه يفكر أيضا بإيطاليا وأوروبا والعالم لاسيما إزاء مآسي الحروب التي نشهدها اليوم. وأكد أن الخطوات الأولى باتجاه السلام تتطلب مواقف قوية ومواطنين مؤمنين قادرين على عيش ثقافة الحوار. وقد افتُتحت أعمال المجلس الدائم بعد ظهر أمس الاثنين بصلاة رفعها الأساقفة الإيطاليون على نية الحبر الأعظم سائلين الله أن يمنحه الشفاء العاجل، مذكّرين بأن البابا هو "رسول سلام وروحانية" للجميع بما في ذلك غير المؤمنين وأتباع باقي الديانات.

مما لا شك فيه أن مسألة السلام في أوروبا اتخذت حيزاً كبيرا من كلمة رئيس مجلس أساقفة إيطاليا الذي شدد على ضرورة أن يستثمر المؤمنون الكاثوليك اليوم في حياة أوروبا، معتبرا أن القارة يجب ألا تقتصر على المؤسسات إذ ينبغي أن تكون أيضا أمينة لتاريخها المشترك العريق، وأن تكون في الوقت نفسه أماً للأمل في مستقبل إنساني، وألا تتخلى أبداً عن الحوار كوسيلة لحل المشاكل والخلافات، وبهذه الطريقة لا تكون الكلمة الأخيرة لمنطق السلاح، ومن هذا المنطلق لا بد أن يبقي المسيحيون وغير المسيحيين حيةً الرغبة في التعايش السلمي، وأن يوفروا دوماً مساحات للحوار والمحبة.

بعدها شدد الكاردينال زوبي على أن درب السلام هي دائماً درب الحوار، الذي بات يكتسب اليوم بعداً متعدد الأطراف. وحذّر من إضعاف دور المؤسسات الدولية لأن هذا الأمر يولد انعدام الثقة لدى الجميع ولا يعود بالفائدة على الصعيد الأمني. وأشاد نيافته بالجهود التي تبذلها الحكومة الإيطالية الحالية الساعية إلى تعزيز الحوار بين الدول الغربية من أجل التوصل إلى سلام عادل ودائم، وحل الصراعات من منظار تعددية الأطراف. وحثّ الكنائس على أن تلعب دوراً ريادياً على هذا الصعيد وأن تتخذ مبادرات ملموسة لتكون معلّمةً في مجال الإنسانية، وهكذا تُظهر لإيطاليا وللعالم أن الإنجيل ما يزال عبارة عن حياة جميلة للجميع.

ومع اقتراب الاحتفال بالذكرى السنوية الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية على الأراضي الأوروبية، في التاسع من أيار مايو ١٩٤٥، ذكّر نيافته بأن البابا فرنسيس حذّر في أكثر من مناسبة من وجود شبح حرب عالمية جديدة يخيم على أوروبا، مع أنه تحدث مرارا وتكراراً عن حرب عالمية ثالثة مجزّأة يعيشها العالم. ولفت أيضا إلى شرور النزعات القومية التي تلبس اليوم حلة جديدة، وهي موجودة في مناطق عدة، وتعمل على تعظيم قومية معينة وتوجيه الأصابع إلى شعوب تُتهم بالعداوة. وأضاف أن هذه التوجهات تعاني من قصر النظر وترتكز إلى الأنانية وتسمم الأشخاص والعلاقات بين الأفراد والشعوب.

وأكد زوبي في هذا السياق أن القومية تتعارض مع مبادئ الإنجيل، لأن الرب يسوع مات من أجل جميع الأمم والشعوب ولم يفرق بين عرق ولون، وأصبح الأول بين أخوة ضمن العائلة البشرية الواحدة. ختاما لفت رئيس مجلس أساقفة إيطاليا إلى أنه في أوروبا، التي صقلتها المسيحية، يريد المؤمنون المسيحيون اليوم أن يقدّموا إسهامهم في العملية الأوروبية، ويرغبون في الاقتداء بمثل القديسين كيريلس وميتوديوس من أجل قارة أوروبية تتنفس برأتيها الغربية والشرقية، ومن أجل قارة موحّدة لأن هذه الوحدة كفيلة في الحفاظ على الأنسنة الأوروبية.