ياسر أيوب
مؤكد أن باولو فونسيكا لم يقرأ كتاب «كليلة ودمنة» أو أى كتب أخرى تضمنت حكاية الأسد والذئب والثعلب حين خرجوا معًا للصيد.. وبعد عودتهم طلب الأسد من الذئب تقسيم الغنائم فقام الذئب بتوزيعها على الثلاثة فقتله الأسد، وطلب من الثعلب إعادة التقسيم.. وقام الثعلب بإعطاء كل الغنائم للأسد الذى ابتسم وسأل الثعلب من أين تعلم كل هذه الحكمة.. فقال الثعلب من رأس الذئب الطائر.. وفى كرة القدم الفرنسية هذه الأيام كان الذئب هو الإسبانى بابلو لونجوريا، رئيس نادى مارسيليا الفرنسى.. وحين خسر مارسيليا فى الدورى أمام أوكسير.. فوجئ الجميع برئيس النادى يتهم الكرة الفرنسية بالفساد وأن هناك تعليمات للحكام بإيقاف مارسيليا.. ورغم اعتذار لونجوريا وتأكيده على أنه لم يقصد الإساءة للكرة الفرنسية واتحادها وحكامها، وأن ما قاله كان مجرد انفعال مؤقت عقب الهزيمة.

إلا أن رابطة الدورى الفرنسى التى تقوم فى الحكاية بدور الأسد لم تقبل هذا الاعتذار ولم تقتنع بأن خسارة مباراة عذر لإهانة الجميع والتشكيك فى نزاهتهم، وكان قرارها هو إيقاف لونجوريا ١٥ مباراة.. وبعد أيام كانت المفاجأة الثانية حين فشل البرتغالى بابلو فونسيكا، المدير الفنى لنادى ليون الفرنسى، فى القيام بدور الثعلب وتعلم الحكمة من رأس لونجوريا الطائر.. وقبل نهاية مباراة ليون وبريست.. احتج فونسيكا على الحكم الذى قام بطرده فحاول فونسيكا الاعتداء على الحكم لولا لاعبو فريقه الذين منعوه من التمادى.. وكان قرار رابطة الدورى الفرنسى هو إيقاف فونسيكا حتى نهاية شهر نوفمبر المقبل.. وأوضح مسؤولو الرابطة الفرنسية أنه كان من الضرورى توقيع هاتين العقوبتين المتتاليتين القاسيتين سواء لرئيس نادى مارسيليا أو المدير الفنى لنادى ليون.. فالتساهل فى البداية سينتهى بكارثة يصعب التعامل معها، وفوضى يصعب التصدى لها.

وإن سمح الفرنسيون اليوم لرئيس نادٍ أو مدير فنى بإهانة اللعبة والتشكيك فى التحكيم، فسيصبح ذلك هو القاعدة التى يستند إليها الجميع مستقبلًا لتبرير أى خسارة، ويصبح الحكام مدانين مسبقًا حتى إن لم يرتكبوا أى أخطاء.. ويصبح من السهل والمعتاد اتهام الاتحاد الفرنسى ورابطة الدورى بتوجيه البطولة وتعمد خسارة أو فوز نادٍ.. وإذا كان بابلو لونجوريا وباولو فونسيكا قد اعتذرا بعد ما قاله الاثنان فالاعتذار ليس كافيًا وإلا أصبح من السهل أن يخطئ أى أحد ويوزع اتهاماته وإهاناته على الجميع ثم يعتذر بعدها.. ولهذا كان من الغريب موقف الأمريكى جون تيكستور، رئيس نادى ليون، وتضامنه مع فونسيكا رافضًا عقوبته القاسية رغم اعتذاره الذى كان لابد من قبوله.. وأصبح السؤال الآن هو: من سيطير رأسه، ومن سيتعلم الحكمة من الرأسين الطائرين ويكف عن التجاوز والإهانة؟
نقلا عن المصرى اليوم