حمدي رزق
«الفلول» كلمةٌ شاعَ استخدامها فى عوالم السياسة لوصف «بقايا نظام بائد»، سواء كان هذا النظام جيشًا مهزومًا أو نظامًا سياسيًا قُضى عليه. «فلول» مفردها «فَلّ» بفتح الفاء وتشديد اللام، ويقال «هم قومٌ فَلٌّ»، أى: مهزومون، ويمكن أن يوصف الرجل بأنه «مفلول» أى منكسر ومنهزم. والبعض يشير إلى أن المفرد «فال».

الكلمة اكتسبت شيوعًا عربيًا مع ما سُمى «ثورات الربيع العربى»، ومصريًا ما بعد ٢٥ يناير ٢٠١١، وفلول مصريًا ترجمت ازدراء وعزلًا سياسيًا، وتقبيحًا مجتمعيًا، وإدانة مسبقة بفعل ماضٍ، وكم من الشرفاء وُصموا بالفلول جزافيًا، خلاصًا منهم وضغطًا عليهم للتخارج سياسيًا، منهم من قضى نحبه مَلُومًا مَحْسُورًا، ومنهم من تمنى لقاء ملك الموت خلاصًا من عاره السياسى. تعددت صور الانتقام والثأر من الفلول، أخفها ضررًا ما سُمى مصريًا قانون «العزل السياسى»، وعُبر عنه بمرسوم استثنائى صدر فى ديسمبر ٢٠١١، عمد إلى إحياء القانون (رقم ٣٤٤ لسنة ١٩٥٢)، والمعروف سابقًا باسم «قانون الغدر» تحت مسمى «قانون العزل السياسي»، وجرى استبدال كلمة (الغدر) الواردة فى المرسوم القديم بعبارة «إفساد الحياة السياسية».

المرسوم الذى حركته آنذاك جماعة الإخوان الإرهابية عبر أذنابها المدنية، جرى تفعيله لإخلاء الساحة لإخوان الشيطان، كشط طبقة سياسية بالكامل، لاتزال البلاد تدفع ثمن إهدارها برعونة سياسية تلبست بعض الثأريين من ثوار يناير الذى ملكوا ناصية الأمر والنهى وقتئذ.

وتاليًا صدرت ضد بعض الشرفاء الذين وُصموا بـ«الفلول» أحكام مغلظة مُسيسة بناء على بلاغات جزافية حركتها ثارات سياسية معتملة فى النفوس.

وكم من أبرياء دفعوا أثمانًا باهظة (سجنًا وتشريدًا)، ولايزال بعضهم يعانون جراء الوصف المتعسف إنكارًا مجتمعيًا أقسى عليهم من السجن والمصادرة والمنع من السفر. لم تجد الفضائيات العربية الحاضنة لجماعة «الجولانى» وصفًا جاهزًا تبريريًا مختالًا لمذابح الساحل فى سوريا التى ارتكبتها عصابات سلطة الأمر الواقع فى دمشق، بحق عائلات الطائفة العلوية، سوى وصف «الفلول»، فأطلقت على طائفة بالكامل برجالها ونسائها وأطفالها «فلول الأسد»، فى تبرير مُخزٍ لواحدة من أبشع المذابح الطائفية التى جرى إخفاء بشاعتها بفعل فاعل.

إزاء واحدة من أبشع عمليات التضليل الإعلامى الممنهج شاركت فيه الأنظمة الراعية للجولانى عبر فضائياتها العابرة للحدود باللغات الحية، ستدرس لاحقًا فى كليات الإعلام باعتبارها النسخة العربية من نظرية «جوبلز» صانع «أسطورة هتلر»، وصاحب آلة الدعاية النازية التى صورت «هتلر» للألمان على أنه منقذهم.. جارٍ تصوير «الجولانى» للسوريين على أنه منقذهم وليس ذابحهم بدم بارد!!

إطلاق وصف «فلول الأسد» استخدام سياسى محض ممنهج توطئة لحمام دم يُغرق الساحل السورى، وكأن جزاء الفلول القتل، وتوقعًا سوف تُصدر المراجع السنية المعتمدة سوريًا فتاوى تجيز سحل وتعذيب وقتل «الفَلّ» باعتباره خارجًا على الجماعة، والخوارج كما هو موصوف فى المراجع الفقهية المعتمدة «فساق»، والفاسق هو الذى يرتكب كبيرة من كبائر الذنوب، وعلى طريقة «ما ذنب النباتات»، مقولة سيئ الذكر «محمد بديع الإخوانى»، سيؤولونها «الفلول» تأويلًا تبريرًا للمذبحة التى صمت عنها العالم الحر، والعالم غير الحر، وعوالم أخرى خفية.
نقلا عن المصرى اليوم