استطاع مسلسل «فهد البطل»، منذ عرض حلقته الأولى، أن يحجز له مكانًا مميزًا فى السباق الرمضانى لهذا العام، ليس فقط بسبب الأداء القوى لأبطاله، وعلى رأسهم أحمد العوضى، ولكن أيضًا بفضل القصة المشوقة التى تحمل طابع الدراما الشعبية القوية، وتتناول صراعات النفوذ والانتقام داخل أجواء الحارة، فى إطار يجمع بين «الأكشن» والتشويق والإثارة.

 
ومنذ ظهوره الأول فى أدوار ما يمكن تسميته بـ«الأكشن الشعبى»، استطاع أحمد العوضى أن يثبت أنه النجم الأبرز فى هذا اللون الدرامى، الذى سبق أن قدمه بنجاح كبير فى عدة أعمال، مثل «اللى مالوش كبير» و«ضرب نار».
 
ويعد «فهد البطل» استكمالًا لمسيرة «العوضى» فى تقديم هذا اللون الدرامى، من خلال شخصية «فهد» التى يجسدها فى هذا المسلسل، وتمثل «النموذج الكلاسيكى» للبطل الشعبى الذى يحمل مظلومية قديمة، ويسعى للانتقام بأسلوبه الخاص، ما يجعله محط تعاطف الجمهور.
 
وبأداء يتسم بـ«الكاريزما» العالية، والقدرة على تقديم مشاهد القتال والمطاردات بإقناع تام، مدعومًا بإخراج مميز من الموهوب محمد عبدالسلام، وحبكة درامية متماسكة، استطاع «العوضى» الاستمرار فى النجاح الكبير بين جمهور الدراما، فى الشهر المعظم كل عام. ولم يقتصر نجاح «فهد البطل» على بطله الرئيسى فقط، بل إن عودة النجم الكبير أحمد عبدالعزيز إلى الدراما الصعيدية، من خلال شخصية «العمدة غلاب»، التى يقدمها فى المسلسل، كانت من أهم عناصر قوة العمل.
 
ويقدم أحمد عبدالعزيز، الذى يعد واحدًا من أيقونات الدراما المصرية فى التسعينيات، أداءً استثنائيًا فى «فهد البطل»، يعيد إلى الأذهان قدراته التمثيلية الفريدة، من خلال تجسيد شخصية رجل صعيدى يواجه صراعات داخلية وخارجية، مع وجود بعد إنسانى خفى لديه، رغم ما يتملكه من شر قوى.
 
وإلى جانب البطلين الرئيسيين، قدم العمل كوكبة من النجوم الذين أضافوا الكثير للأحداث، ومنهم محمود البزاوى، الذى أبدع فى تجسيد شخصية زعيم العصابة القاسى «توفيق التمساح»، وعصام السقا فى دور «ريكو»، الصديق الذى يعيش صراعات داخلية وتغيرات مستمرة، بالإضافة إلى لوسى وميرنا نورالدين وحجاج عبدالعظيم، فكل منهم قدم أداءً لافتًا جعل القصة أكثر ثراءً. ومن أبرز نقاط القوة فى «فهد البطل» أيضًا، قدرته على إعادة تقديم الدراما الشعبية بأسلوب حديث، مع وجود خط درامى صعيدى، فضلًا عن عدم اقتصاره على «الأكشن» والإثارة فقط، بل يحتوى على العديد من المشاهد الدرامية المؤثرة، خاصة فى علاقة «فهد» بأخته «راوية/ كارولين عزمى»، وصراعه الداخلى بين الانتقام من عمه، ومحاولة بناء حياة جديدة بعيدًا عن العنف.
 
بذلك، لم يسقط المسلسل فى فخ «الدراما الصاخبة»، التى تعتمد على «الأكشن» والمبالغة، بل اهتم بتقديم شخصيات وأحداث واقعية، تحافظ على التشويق دون زيادة عن المطلوب، ما جعله قريبًا من الجمهور، خاصة فى المناطق الشعبية التى تشعر بأن العمل يعبر عنها بشكل كبير. لا ننسى كذلك الإمكانات الإنتاجية الضخمة التى وفرتها الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، وانعكست فى جودة تصميم المعارك، وأماكن التصوير، فالمشاهد لم يرَ «ديكورات مزيفة»، فى ظل تصوير أجزاء كبيرة من المسلسل فى أماكن حقيقية، مثل منطقة «شق التعبان»، إلى جانب أحياء شعبية وشوارع حقيقية أخرى، ما أضفى مصداقية كبيرة على الأحداث، وأعطى المشاهد إحساسًا بالتفاعل مع الواقع، بدلًا من الاعتماد على الاستديوهات المغلقة.
 
ولعب الإخراج دورًا مهمًا فى إبراز حالة التوتر والتصعيد الدرامى، فجاءت زوايا التصوير وحركة الكاميرا متقنة، واهتم المخرج محمد عبدالسلام بتقديم المشاهد الحركية بشكل احترافى، ما أسهم فى رفع جودة العمل ككل.
 
ختامًا.. يمكن القول إن «فهد البطل» ليس مجرد مسلسل «أكشن شعبى»، بل عمل متكامل يجمع بين التشويق والدراما والعمق الإنسانى، مع إنتاج ضخم واهتمام بالتفاصيل جعل المشاهد يشعر بأنه جزء من الأحداث. لذا، فإن نجاح المسلسل فى تصدر المشاهدات و«ترندات» البحث ليس مفاجئًا، بل نتاج لمجهود كبير من فريق العمل، بداية من الأداء التمثيلى والإخراج، مرورًا بالإنتاج الذى وفر كل الإمكانات لظهور العمل بأفضل صورة ممكنة.