القمص رويس الجاولى
يقول البعض أن إستخدام الأنوار لا معنى له ولا سند له في الكتاب المقدس، وعليه فإن البعض يلجئون للأنوار الخافتة أثناء القداس قائلين أن هذا يضفي شيء من الروحانية في المكان. وفي الحقيقة أن الأنوار كانت تستخدم في خيمة الإجتماع أو الهيكل في العهد القديم وذلك بناءًا على أوامر الله: "وَأَنْتَ تَأْمُرُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يُقَدِّمُوا إِلَيْكَ زَيْتَ زَيْتُونٍ مَرْضُوضٍ نَقِيًّا لِلضَّوْءِ لإِصْعَادِ السُّرُجِ دَائِمًا" (خر ٢٠:٢٧)، كما أمر بوضع المنارة في القدس مقابل مائدة خبز الوجوه: "وَتَضَعُ الْمَائِدَةَ خَارِجَ الْحِجَابِ، وَالْمَنَارَةَ مُقَابِلَ الْمَائِدَةِ عَلَى جَانِبِ الْمَسْكَنِ نَحْوَ التَّيْمَنِ، وَتَجْعَلُ الْمَائِدَةَ عَلَى جَانِبِ الشِّمَالِ" (خر ٣٥:٢٦).
ولم تكن الأنور في العهد القديم رمزًا حتى يقولون أنه تم بطلانها بعد مجيء المرموز إليه مثل الذبائح والمحرقات.
 
أيضًا إستعمال الأنوار في كنيسة العهد الجديد أمر رسولي: "وَفِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ إِذْ كَانَ التَّلاَمِيذُ مُجْتَمِعِينَ لِيَكْسِرُوا خُبْزًا، خَاطَبَهُمْ بُولُسُ وَهُوَ مُزْمِعٌ أَنْ يَمْضِيَ فِي الْغَدِ، وَأَطَالَ الْكَلاَمَ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ. وَكَانَتْ مَصَابِيحُ كَثِيرَةٌ فِي الْعِلِّيَّةِ الَّتِي كَانُوا مُجْتَمِعِينَ فِيهَا" (أع ٨،٧:٢٠)، وأيضًا في الدسقولية أمر الرسل في القرن الأول: [يجب أن تكون الكنيسة مُنارة بأنوار كثيرة مثل السماء ولا سيما عند قراءة فصول الكُتُب الإلهية] (دسقولية باب ١٠ & ٣٥).
 
حتى البروتستانت قالوا في كتابهم ريحانة النفوس ص١٣٠: [أن استعمال الشموع في المعابد كان في الجيل الثالث، إلى أن قال أن إيرونيموس الذي عاش في الجيل الرابع قال أنها كانت تستعمل في النهار] (اللآلئ النفيسة ص١٠٩).
 
+ لماذا تضاء الأنوار في الكنيسة؟
١- لتُحضِر المؤمنين إلى حيث تجلي ربنا على الجبل فتغيرت هيئته، وأضاء وجهه كالشمس، وثيابه بيضاء كالنور كما في (مت ٢:١٧)، وحيث تجلى ليوحنا الحبيب في الرؤيا (رؤ ١٣،١٢:١ و ١:٢).
٢- لتكون الكنيسة في مجدها كالمدينة السماوية في الرؤيا (رؤ ٢٤،٢٣:٢١).
٣- لتُذَكِر للشعب أن يكونوا منيرين في العالم: "أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ" (مت ١٤:٥) وأيضًا: (في ١٥:٢).
 
+ لماذا تضاء الأنوار قدام الذبيحة الإلهية؟
١- لأن هذا هو أمر الله لموسى النبي منذ القدم: "وَوَضَعَ الْمَنَارَةَ فِي خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ مُقَابِلَ الْمَائِدَةِ فِي جَانِبِ الْمَسْكَنِ نَحْوَ الْجَنُوبِ. وَأَصْعَدَ السُّرُجَ أَمَامَ الرَّبِّ، كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى" (خر ٢٥،٢٤:٤٠).
 
٢- لأن نور الإيمان المسيحي أشرق في قلوبنا بواسطة هذه الذبيحة غير الدموية (٢كو ٥،٤:٤).
 
٣- لأن هذه الذبيحة هي الرب يسوع التي بها نصنع تذكار موته متسربل بالمجد والبهاء والجلال ولابس النور كثوب: "اَلرَّبُّ قَدْ مَلَكَ. لَبِسَ الْجَلاَلَ. لَبِسَ الرَّبُّ الْقُدْرَةَ، ائْتَزَرَ بِهَا" (مز ١:٩٣). وأيضًا: "اللاَّبِسُ النُّورَ كَثَوْبٍ، الْبَاسِطُ السَّمَاوَاتِ كَشُقَّةٍ" (مز ٢:١٠٤)، وكائن في نور لا يُدنى منه: "الَّذِي وَحْدَهُ لَهُ عَدَمُ الْمَوْتِ، سَاكِنًا فِي نُورٍ لاَ يُدْنَى مِنْهُ، الَّذِي لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَاهُ، الَّذِي لَهُ الْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ الأَبَدِيَّةُ. آمِينَ" (١تي ١٦:٦)، وهو النور الحقيقي الذي يضيء لكل إنسان آتِ إلى العالم: "كَانَ النُّورُ الْحَقِيقِيُّ الَّذِي يُنِيرُ كُلَّ إِنْسَانٍ آتِيًا إِلَى الْعَالَمِ" (يو ٩:١).
 
٤- لتذكير من يشترك فيها أن يخلع أعمال الظلمة ويلبس أسلحة النور ويسلك بلياقة كما في النهار: "قَدْ تَنَاهَى اللَّيْلُ وَتَقَارَبَ النَّهَارُ، فَلْنَخْلَعْ أَعْمَالَ الظُّلْمَةِ وَنَلْبَسْ أَسْلِحَةَ النُّورِ. لِنَسْلُكْ بِلِيَاقَةٍ كَمَا فِي النَّهَارِ" (رو ١٣،١٢:١٣)، ومن يقترب إليها باستحقاق يستنير قلبه بالنعمة كما استنار وجه موسى حين اقترب إلى الله: "وَكَانَ لَمَّا نَزَلَ مُوسَى مِنْ جَبَلِ سِينَاءَ وَلَوْحَا الشَّهَادَةِ فِي يَدِ مُوسَى، عِنْدَ نُزُولِهِ مِنَ الْجَبَلِ، أَنَّ مُوسَى لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ جِلْدَ وَجْهِهِ صَارَ يَلْمَعُ فِي كَلاَمِهِ مَعَهُ" (خر ٢٩:٣٤)، ومن يتناولها يتحد بالرب الذي قال: "أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ" (يو ١٢:٨)، "عِنْدَكَ يَنْبُوعَ الْحَيَاةِ. بِنُورِكَ نَرَى نُورًا" (مز ٩:٣٦). وأيضًا: "ارْفَعْ عَلَيْنَا نُورَ وَجْهِكَ يَا رَبُّ" (مز ٦:٤).
 
٥- للدلالة على سمو شرف ومجد وجىل خدمة العهد الجديد والتي تسمو على خدمة العهد القديم، كما يفوق كهنوت المسيح وذبيحته على كهنوت هرون وذبائحه: "هُنَا أُنَاسٌ مَائِتُونَ يَأْخُذُونَ عُشْرًا، وَأَمَّا هُنَاكَ فَالْمَشْهُودُ لَهُ بِأَنَّهُ حَيٌّ. حَتَّى أَقُولُ كَلِمَةً: إِنَّ لاَوِي أَيْضًا الآخِذَ الأَعْشَارَ قَدْ عُشِّرَ بِإِبْرَاهِيمَ" (عب ٩،٨:٧). وأيضًا: "ثُمَّ إِنْ كَانَتْ خِدْمَةُ الْمَوْتِ، الْمَنْقُوشَةُ بِأَحْرُفٍ فِي حِجَارَةٍ، قَدْ حَصَلَتْ فِي مَجْدٍ ... فَكَيْفَ لاَ تَكُونُ بِالأَوْلَى خِدْمَةُ الرُّوحِ فِي مَجْدٍ؟ ... لأَنَّهُ إِنْ كَانَ الزَّائِلُ فِي مَجْدٍ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا يَكُونُ الدَّائِمُ فِي مَجْدٍ!" (٢كو ٧:٣-١١).
 
+ لماذا تضاء الأنوار أثناء قراءة الأنجيل؟
١- إشارة إلى نور الأنجيل الذي أشرق في كل أقطار المسكونة: "إِلهُ هذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لِئَلاَّ تُضِيءَ لَهُمْ إِنَارَةُ إِنْجِيلِ مَجْدِ الْمَسِيحِ، الَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ" (٢كو ٤:٤).
 
٢- ولأن كلمة الله هي نور: "لأَنَّ الْوَصِيَّةَ مِصْبَاحٌ، وَالشَّرِيعَةَ نُورٌ" (أم ٢٣:٦)، وسراج لأرجلنا: "سِرَاجٌ لِرِجْلِي كَلاَمُكَ وَنُورٌ لِسَبِيلِي" (مز ١٠٥:١١٩).
 
٣- والشمعة تتقدم الأنجيل إشارة للسابق يوحنا المعمدان وكان هو السرا